المقالات

الحرب الناعمة( القوة الجاذبة وأساليب المواجهة)

الحرب الناعمة( القوة الجاذبة وأساليب المواجهة)
 
 
د. غسان طه
 
تمهيد
الحرب بمعناها الشائع هي حالة صدام بين جماعات أو بين دول تستهدف القتل والتدمير والإخضاع والسيطرة بهدف تحقيق غايات لا تبلغها الجماعة المريدة للقتال إلا بها.
وقد تكون الحرب حرباً من نوع آخر لا تستخدم فيها آلات القتل المباشر أي السلاح والجيوش، كالحرب الدبلوماسية أو الاقتصادية أو النفسية.
ففي تعريف الحرب، هي حالة تناقض السلم وتستخدم مجازاً لأنماط من الصراعات والمنافسات، فيقال مثلاً: حرب الكلمات، والحرب النفسية، وحرب الإرادات، والحرب الباردة، والحرب السياسية، والحرب ضد الفقر والمرض .
وقد دخل في حيز الاستعمال مؤخراً مصطلح القوة الناعمة أو الحرب الناعمة، غير أن ما يجمع بينهما،مغايرتهما للحرب الصلبة أو الحرب الكلاسيكية. ما يعني أن إطارها الجامع هو الحرب النفسية.
ولذلك فإن القوة الناعمة تدخل ضمن هذا الإطار. وقد عرفها جوزف ناي بأنها القدرة على أن نحصل (أي أمريكا) على ما نريد بقوة الجذب وليس بالقوة المادية.
وعلى هذا الأساس سوف نعمد بداية إلى إجراء مقارنة سريعة بين الحرب النفسية والحرب الناعمة لا بكونهما منفصلتين بل لتبيان الخاص ضمن إطار العام الثاني أي الحرب النفسية.
1_ الحرب النفسية:
أ‌- تعريف الحرب النفسية:
يعرف لينبرغر الحرب النفسية انطلاقاً من مفهومين ضيق وواسع. فهي في المفهوم الضيق استخدام الدعاية ضد العدو مع إجراءات عملية ذات طبيعة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية مما تتطلبه الدعاية.
أما في المفهوم الواسع فهي "تطبيق لبعض أجزاء علم النفس لمعاونة المجهودات التي تبذل في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية"   .
كذلك ورد في التعريفات: "هي الاستخدام المخطط المدروس للدعاية وسائر الأساليب الإعلامية المصممة للتأثير على الآراء والاتجاهات وسلوك المجموعات العدوة والصديقة".
ويطابق هذا التعريف ما ورد في قاموس المصطلحات الحربية الأميركية عام 1955 "أنها الاستخدام المدبر للدعاية أو لأية تأثيرات نفسية أخرى المعدة لإسناد السياسة السائدة بتأثيرات على عواطف ومواقف وسلوك العدو والفئات المحايدة والصديقة في وقت الطوارئ أو الحرب بحيث يتم دعم الوصول إلى الأهداف القومية" .
والحرب النفسية هي ذلك النوع من الحروب الذي تشنه الجماعات بالدعاية والإشاعة وتستخدم فيه كل وسائل الإعلام بقصد إثارة القلق والتوتر لدى العدو من أجل زعزعة الإيمان بالمبادئ والأهداف ببيان استحالة تحقيقها وإضعاف الجبهة الداخلية بإظهار عجز النظام عن تحقيق أهدافه وتشكيك الجماهير في قياداتها السياسية والعسكرية والتفرقة بين فئات الشعب، وبث اليأس في نفوس الجنود على الجبهة والميدان وإشاعة الذعر بينهم بالمبالغة في وصف القوة وانتصاراتها والتهوين من انتصارات العدو  .هي حرب معنوية تستهدف شخصية المقاتل وشخصية الأمة وغايتها تغيير سلوك الأفراد والجماعة من أجل تحللها واستسلامها والسيطرة عليها بعد تغيير الأفكار والاتجاهات والقيم والمعتقدات والرأي والسلوك .
ويذكر أن اصطلاح الحرب النفسية قال به لأول مرّة محلل عسكري بريطاني يدعى "خوللر" أورده في كتابه "الدبابات في الحرب" وذلك أنهم في الحرب العالمية الأولى نزعوا المواقع من الدبابات وركبوا بدلاً منها أبواقاً، كانوا يذيعون منها نداءات على جنود العدو للاستسلام، ويذكرون لهم أسباباً منها أن زوجاتهم في الجبهة الداخلية قد بلغ بهن تدهور الأحوال الاقتصادية أنهن صرن يمارسن البغاء وأن الأمراض السرية تحولت إلى أمراض عادية بين الأولاد، وكانوا يشتمون الجنود بأقذع أنواع السباب، ويستخدمون مختلف المعلومات عن الجبهة الداخلية ليطعّموا بها إشاعاتهم وأكاذيبهم واستخدموا الأسرى للنداء على جنود وحداتهم وكانوا ينادون الجنود بأسمائهم. ولهذا أطلق على الحرب النفسية من هذا النوع تسمية حرب الأبواق، وكانوا يسقطون المنشورات على الجبهة الداخلية التي تشكك في صمود قواتهم وإخلاص زعمائهم، وهو أيضاً سبب تسميتها بحرب المنشورات .
مع تقدم وسائل الاتصال تحولت الحرب النفسية إلى حرب إعلامية شاملة.
 
لقراءة باقي المقال اضغط  PDF

أضيف بتاريخ: 09/07/2015