المقالات

التهديدات الثلاثة وحركة تطورها

 
التهديدات الثلاثة وحركة تطورها
 
 
علي أكبر أحمديان
 
تعريف التهديدات الثلاثة:
1ـ التهديد الصلب.
التهديد الصلب عبارة عن: استعمال القوة العسكرية لفرض الإرادة وتأمين المصالح. الهدف في هذا النوع من التهديد، احتلال الأرض. ويعتمد التهديد الصلب بشكل أساسي على الأساليب الفيزيائية والعينية. ويمتاز هذا التهديد بخصوصيات أبرزها: السلوك الخشن، محاولة إسقاط الأنظمة بشكل علني، الحذف الدفعي، الاحتلال، التقسيم وضم الأرض. يعود ظهور هذا التهديد وقدمته التاريخية إلى مرحلة الاستعمار القديم حيث كانت المحاولات لفرض الإرادة والهيمنة وتأمين المصالح من خلال اللجوء إلى الجيوش والقتل واحتلال الأرض وضمها (إيجاد المستعمرات والمستملكات).
 
2ـ التهديد نصف الصلب:
التهديد نصف الصلب عبارة عن: استعمال القوة عن طريق النفوذ إلى النظام السياسي الأمني لبلد ما بهدف فرض الإرادة وتأمين المصالح. أما الهدف في هذا النوع من التهديد، فهو احتلال الحكومة والمؤسسات الحكومية. ويعتمد التهديد نصف الصلب على استعمال النظام الأمني ـ المعلوماتي والنفوذ في الحكومات. وأما الأساليب المستخدمة فهي تركيب من الأدوات الصلبة والناعمة حسب الحاجة. ظهر هذا التهديد في مرحلة الاستعمار الجديد حيث يتم اللجوء إلى السلطة الأمنية لتسلّم النظام والحكومة في البلد من دون اللجوء إلى القوة العسكرية. وعن هذا الطريق يمكن فرض الإرادة وتأمين المصالح.
 
3ـ التهديد الناعم:
التهديد الناعم عبارة عن: استعمال القوة الناعمة عن طريق التأثير على العقائد، والقيم الأساسية للبلد وذلك لفرض الإرادة وتأمين المصالح. وأما الهدف في هذا النوع من التهديد فهو تغيير الهوية الثقافية وتشويه صورة النظام السياسي في الأذهان. يعتمد التهديد الناعم على الأساليب الناعمة وهي من حيث الماهية انتزاعية، غير محسوسة وتدريجية. ويشتمل هذا النوع من التهديد، على المجالات الاجتماعية المختلفة. يعود ظهور هذا التهديد إلى مرحلة الاستعمار ما بعد الحديث أو العولمة الثقافية. أما نتائج التهديد الناعم فعبارة عن : تغيير الهوية والنماذج المقبولة في أحد الأنظمة السياسية في كافة المجالات. التهديد الناعم، مجموعة من الأجراءات المخطط لها، التي تؤدي إلى تغيير الاعتقادات والقيم الأساسية، وتبديل الهوية الوطنية وتشويه النظام السياسي الموجود حيث يؤدي الأمر في النهاية إلى العصيان المدني. (راجع، النائيني، 1387). وقد تحدث الإمام القائد الخامنئي في العقدين الأخيرين فاستعمل عبارات مختلفة كالهجوم الثقافي والغزو الثقافي والعمليات النفسية والحرب الناعمة باعتبارها العناوين الأساسية الموجهة ضد نظام الجمهورية الإسلامية. وعَرّف الحرب الناعمة في العام الحالي (1388) بأنها عبارة عن إيجاد الترديد في قلوب وأذهان الناس. ويمكن الاستفادة مما تقدم للخلوص إلى النتيجة التالية وهي أن التهديد الناعم والحرب الناعمة تشتملان على "الغزو الثقافي" و"العمليات النفسية" وعلى أمور أخرى سواها فهي أعم منهما. وعلى هذا الأساس فالتهديد الناعم هو عمل عمدي مخطط له، وأما مجالاته الأساسية فهي الثقافي، والسياسي والاجتماعي، والهدف الأساس للقائمين على الحرب الناعمة التأثير على اعتقادات، وأفكار، وقيم ودوافع المخاطبين. ولا يقتصر نشاط الحرب الناعمة على الناس، بل يتعدى ذلك لتصل إلى رجال الدولة والنخب. وفي النهاية يعمل القائمون على الحرب الناعمة على التأثير في سلوك وعمل المخاطبين في المدى الطويل.
إن معرفة التهديدات الصلبة، ونصف الصلبة والناعمة ومعرفة مجالاتها ومصاديقها، تحتاج إلى دراسة سير تطور هذه التهديدات على المستوى التاريخي. وبعبارة أخرى تحتاج إلى دراسة أساليب السلطة وفرض الإرادة. ويمكن لحاظ ثلاثة مقاطع تاريخية تتعلق بفرض الإرادة وتأمين المصالح والأهداف الأساسية للأنظمة السلطوية في العالم. وأما المقاطع الثلاثة فعبارة عن الاستعمار القديم (مرحلة التهديدات الصلبة) والاستعمار الجديد (مرحلة التهديد نصف الصلب) والاستعمار ما وراء الجديد (مرحلة التهديد الناعم). ويستخدم في كل مرحلة من هذه المراحل أدوات وأساليب مختلفة. ولكل واحدة منها خصائصها وأهدافها التي تميزها عن غيرها.
حركة تطور التهديدات الثلاثة:
يعتقد بعض المحققين بعد دارستهم حركة تطور أنواع التهديدات من الناحية التاريخية، أن معرفة التهديد ومجالاته ومصاديقه، تحتاج إلى دراسة حركة تطور السلطة تاريخياً. واعتبروا أن فرض الإرادة وتأمين المصالح والأهداف الحياتية للأنظمة السلطوية في العالم، يتم من خلال ثلاثة مقاطع تاريخية الاستعمار القديم (مرحلة التهديدات الصلبة)، الاستعمار الحديث (مرحلة التهديدات نصف الصلبة) والاستعمار ما بعد الحديث (مرحلة التهديدات الناعمة). ويستعمل في كل مرحلة أدوات وأساليب متنوعة مع أهداف ومصالح أنظمة السلطة.
 
لقراءة باقي المقال اضغطPDF
 

أضيف بتاريخ: 10/07/2015