مقالات مختارة

يمكن القضاء على إسرائيل بحرب إلكترونية

يمكن القضاء على إسرائيل بحرب إلكترونية

في سياق الاهتمام الإسرائيلي بحرب الفضاء الالكتروني صدر باللغة العبرية، كتاب (حرب الفضاء الالكتروني: اتجاهات وتأثيرات على إسرائيل)، للباحثين شموئيل ايفن ودافيد بن سيمان- طوف، العاملين في معهد أبحاث الأمن القومي. وأشار المؤلفان إلى أن الفضاء الالكتروني بات مجال قتال جديد، وانضم بذلك إلى مجالات القتال الأخرى، في اليابسة والبحر والجو والفضاء.

فالدول المتطورة وجيوشها تزيد من نشاطاتها وأبحاثها في الفضاء الالكتروني الذي أصبح يشكل بالنسبة لها مصدر قوة عظيمة، ولكنه في الوقت نفسه يكشف خاصرتها الضعيفة، لأن البنى التحتية التي تقوم عليها الدول الحديثة مثل الكهرباء والمياه والمواصلات والاتصالات والبورصة والبنوك تعتمد في عملها على الفضاء الالكتروني.

وكذلك شبكات القيادة والسيطرة والتحكم العسكرية ومختلف أنواع التكنولوجيا المتطورة في ساحات القتال، مثل: أنظمة جمع المعلومات، واستعمال الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار في الحرب، كلها تعتمد على الفضاء الالكتروني. ونوه المؤلفان.

كما قال الباحث الفلسطينيّ د. محمود محارب، من جامعة القدس العربيّة في مراجعته للكتاب، إلى ميزات الفضاء الالكتروني كمجال قتال، وأبرزها التمكن من العمل بسرعة واحد من الألف من الثانية، ضد أعداء يبعدون آلاف الأميال من دون تعرض المهاجمين أو المقاتلين للأخطار. والميزات التي يتمتع بها الفضاء الالكتروني تجعله جذاباً للاستعمال في القتال خلال الحرب، إلى جانب الأسلحة التقليدية، مثلما فعلت روسيا، كما يقول المؤلفان، في حربها ضد جورجيا في سنة 2008.

ويمكن أيضا استخدامه أثناء الحرب ضد أهداف إستراتيجية، مثل الهجوم الذي تعرض له المفاعل النووي الإيراني في سنة 2009، حيث اعتبر المؤلفان أن هذا الهجوم (الذي قامت به إسرائيل وفق العديد من المصادر الإعلامية) كان حدثا تأسيسياً في مجال حرب الفضاء الالكتروني، وشكل مرحلة جديدة في تطور استعمال الفضاء الالكتروني في مجال القتال.

واعتبر المؤلفان أن استعمال الفضاء الالكتروني في القتال وعمليات التطوير والاستعدادات التي قامت بها دول عديدة، يؤكد أن سباق التسلح في مجال الفضاء الالكتروني قد بدأ. ويشيران إلى أن العديد من الدول أقامت في السنوات الأخيرة مؤسسات وهيئات مختلفة ومختصة باستعمال الفضاء الالكتروني كمجال قتال، وطورت استراتيجيات أمنية في الفضاء الالكتروني.

وأوضح الكاتبان أن ثلاثة عوامل هامة تدفع إسرائيل للإسراع في اتخاذ الاحتياطات والتدابير الأمنية في الفضاء الالكتروني، وهي: كدولة متطورة ومرافقها ومؤسساتها محوسبة، يتعرض الفضاء الالكتروني في إسرائيل إلى أخطار حدوث هجمات عليه، قد تؤدي إلى إلحاق الشلل بالبنى التحتية الإسرائيلية. تواجه إسرائيل أعداء لهم دوافع لإلحاق الأذى بها كلما استطاعوا تحقيق ذلك، سواء من قبل دول أو منظمات أو أفراد. هناك فرصة أمام إسرائيل ليس فقط لتطوير دفاع متقدم في الفضاء الالكتروني وإنما أيضا لاستعمال الفضاء الالكتروني في الحرب.

كما اقترح المؤلفان أن تتبنى الحكومة الإسرائيلية إستراتيجية وطنية للدفاع عن الفضاء الالكتروني الإسرائيلي وفق الخطوط التالية: الاعتراف بالفضاء الالكتروني كمجال وطني جديد، الذي ينبغي الدفاع عنه بشكل خاص من خلال رؤية شاملة وتعاون جميع الأطراف ذات الصلة. تأسيس مؤسسة وقيادة مركزية للدفاع عن الفضاء الالكتروني على المستوى الوطني.

وضع البنى التحتية الحيوية وأنظمة الأمن في قمة الأولويات، وفي الوقت نفسه القيام بالدفاع عن مركبات أخرى، مثل الدفاع عن المعلومات في الجامعات ومراكز الأبحاث والدفاع عن شركات لها تأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي ولكنها ليست مصنفة كجزء من البنى التحتية. بناء نظام دفاعي دينامكي وشامل في الفضاء الالكتروني مثل النظام الذي أقامته وزارة الدفاع الأمريكيّة، التعاون الدائم في مجال الفضاء الالكتروني بين القطاع الحكومي والقطاع الأمني والقطاع الخاص، التعاون مع دول أجنبية بشأن الفضاء الالكتروني، وخاصة الدول الحليفة.

سن قوانين خاصة بالفضاء الالكتروني والقيام بتطبيقها على أرض الواقع. مساعدة الجمهور العام في زيادة الوعي بالفضاء الالكتروني وتطوير قدراته في الدفاع في هذا المجال، ومنح محفزات للشركات والأفراد لشراء برامج دفاع، وزيادة الرقابة على شركات الحماية. استعمال الوسائل والأجهزة التكنولوجية الأكثر تطورا المتعلقة بالفضاء الالكتروني. بلورة وتطوير سياسة ردع إسرائيلية، بما في ذلك قدرة الرد المباشر ضد كل من يهاجم الفضاء الالكتروني الإسرائيلي وإلحاق الأذى به، وهذا الأمر من مهام المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

يؤكد المؤلفان، كما أشار د. محارب، أن إضافة الفضاء الالكتروني كساحة قتال جديد، إلى جانب ساحات القتال في البر والبحر والجو والفضاء، يستوجب دمج الحرب في الفضاء الالكتروني في إستراتيجية ومفهوم الأمن الإسرائيلي، وهو ما يستوجب استحداث تغييرات في مفاهيم المصطلحات الأساسية المتعلقة بنظرية الأمن الإسرائيلي. فمثلا تختلف البيئة الإستراتيجية في الفضاء الالكتروني عن المفهوم التقليدي لها في نظرية الأمن الإسرائيلي القائم على التهديدات الجيو-سياسية التقليدية. علاوة على ذلك، يختلف الزمان والمسافة والمساحة في الفضاء الالكتروني عن المفاهيم التقليدية، لأن سرعة العملية الهجومية في الفضاء الالكتروني، ضد هدف يبعد مئات أو آلاف الأميال، تبلغ واحدا على الألف من الثانية. ويرى المؤلفان أنه من الصعب للغاية أن تقوم إسرائيل بتطبيق سياسة الردع، التي تعتبر حجر الزاوية في سياسة الردع الإسرائيلية، في حرب الفضاء الالكتروني، لصعوبة تحديد هوية الطرف المهاجم في حرب الفضاء الالكتروني.

وقالا أيضًا إنّ الدفاع في حرب الفضاء الالكتروني يشكل تحدياً من نوع جديد لإسرائيل، وذلك لأنه بمقدور العدو شن هجمات بسرعة البرق ومن الصعوبة بمكان تحديد من هو المهاجم.

ويوصي المؤلفان أن تتعلم إسرائيل وتستفيد من مفهوم الدفاع الفعال في الفضاء الالكتروني الذي تتبعه أمريكا.

إذ يستند هذا الدفاع الفعال على قدرة مخابراتية متطورة لتحديد النشاطات في لإنترنت وعلى أنظمة دفاع دينامكية ذات رد تلقائي من دون تدخل الإنسان.

ويستطرد المؤلفان، إن الدفاع الفعال لا يعتمد فقط على التكنولوجيا المتطورة، وإنما أيضا على شبكة محكمة ذات قواعد وإجراءات صارمة وعلى ثقافة تفهم المخاطر وعلى انضباط شديد وعلى حماية المواقع وعلى رقابة بشرية قوية.

ويوصي المؤلفان، في ضوء اعتراف الجيش بالفضاء الالكتروني كساحة قتال إلى جانب الساحات الأخرى، بإجراء تغييرات في قوات الجيش الإسرائيلي والعمل على إقامة جيش خاص بالفضاء الالكتروني، أسوة بالقوات البرية والبحرية والجوية، جدير بالذكر أنّ رئيس لجنة العلم التابعة للكنيست، مئير شطريت، قال في مؤتمر حول موضوع تأمين الفضاء الالكتروني، إنّه بالإمكان التسبب في انهيار إسرائيل من دون دبابات وطائرات، وإنما بواسطة حرب الفضاء الالكتروني.

المصدر: مركز باحث للدراسات الفلسطينية والإستراتيجية


ملاحظة: المقالة منذ العام 2011

أضيف بتاريخ: 10/10/2016