المقالات

الحرب الناعمة من وجهة نظر الإمام الخامنئي (دام ظله)

الحرب الناعمة من وجهة نظر الإمام الخامنئي (دام ظله)

د. علي الحاج حسن

* مقدمة
إنَّ مصطلح "الحرب الناعمة" هو أحد المصطلحات التي شاع استعمالها في الآونة الأخيرة، فقد تم تداوله بشكل واسع في فترة الانتخابات الرئاسيَّة الإيرانية عام 2009 وذلك بعد أن ذكره الإمام السيد علي الخامنئي(دام ظله) في خطاباته للدلالة على إحدى مجالات استهداف الجمهوريَّة الإسلاميَّة.

الجدير بالذكر أنَّ المصطلح بدأ بالرواج مع الكاتب الأمريكي جوزيف ناي الذي قدَّم عام 2004 كتابه الشهير "القوة الناعمة؛ وسيلة النجاح في السياسة الدولية" وكان قد مَهّد له قبل ذلك بكتابين الأوَّل  "مفارقة القوة" الذي صدر عام 1991 بعد سقوط الإتحاد السوفياتي والثاني "مُلزمون بالقيادة" الذي صدر عام 2001.

لو عدنا إلى الظروف الحقيقية التي دفعت جوزيف ناي[1] لإصدار كتبه هذه لوجدنا أنها جاءت بعد فترة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفياتي [مفارقة القوة] وبعد أحداث ما يسمى بالحادي عشر من أيلول [ملزمون بالقيادة] وكذلك بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق [القوة الناعمة]، أوضحت هذه التجارب الثلاث للأمريكي أنّ التوسل بالقوة العسكريَّة لم يكن مفيدًا إلى الحدود التي يريدها، لا بل هناك أساليب ووسائل يمكن اتّباعها تؤدي إلى نتائج كبيرة ولا تتطلّب الكثير من الإمكانيَّات والجهود والخسائر والأموال... وعليه فالقوة الناعمة من وجهة نظر جوزيف ناي هي: "القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبيَّة بدلًا من الإرغام أو دفع الأموال. وهي تنشأ من جاذبيَّة ثقافة بلد ما، ومُثله السياسيَّة وسياساته فعندما تبدو سياستنا مشروعة في عيون الآخرين تتّسع قوتنا الناعمة..." [2]

يتضح من هذا التعريف أنّ العناصر الأساسيَّة المكوّنة للحرب الناعمة أو القوّة الناعمة هي الأساليب والوسائل الجذّابة التي تعتمد على ثقافة معيّنة فتتمكّن من تشكيل القدوة الجاذبة للآخرين. وهذا يعني أنّ استبدال ما هو موجود عند غير المتوقف على مقدار المهارة والجاذبيّة التي يُظهرها الطرف الأول، فالمستهدف يختار بنفسه ما انتجه الخصم من دون أن يلجأ ذاك الخصم إلى الإكراه والإجبار.
 
* عناصر ومقوّمات القوّة الناعمة
تقوم القوّة الناعمة على مجموعة من العناصر والمقوّمات التي تشكّل الأساس في وجودها، إذ بدونها لا يمكن لطرف ما ممارسة حرب ناعمة على الآخرين. وهذا يعني أنّ كلّ من أراد ممارسة هذه الحرب لا بدّ أن تتوافر لديه هذه المقوّمات والعناصر.

1- القيم
تشكّل القيم العنصر الأساس في القوة الناعمة. والقيم هي المباديء التي تشكل ماهيّة وهويّة الفرد والمجموعة، إذ بدونها يبدو الفرد وكذا الجماعة فاقدين للقيمة الحقيقيَّة. والقيم هي الأمور التي يفتخر بها الأفراد والجماعات كونها تشكل قناعاتهم وخلفيَّاتهم السلوكيّة ... وعلى هذا الأساس، إذا كانت الحرب الناعمة تقوم على أساس الجاذبيّة في الطرح، فكلما كانت القيم جاذبة كانت محل تأثير في الآخرين. ومن هذا المنطلق نفهم الكثير من المحاولات التي دأب الأمريكيّ على اتّباعها والتي تتمثّل في الحديث عن قيمه الفرديّة والجماعيّة وعرضها على المجتمعات الفاقدة لها، بِدءًا من التحرّر وصولًا الديمقراطيّة والليبراليَّة وما شابه ذلك.

2- الشباب
إنَّ كافَّة أفراد المجتمع يقعون تحت تأثير الحرب الناعمة فيقبل البعض قيم الآخرين ويرفضها آخرون، إلَّا أنَّ عنصر الشباب هو العنصر الأساس في الحرب الناعمة، وذلك لما يتمتع به هؤلاء من بناء فكري ونظري وثقافي؛ وبسبب ما يحملونه من قيم واعتقادات. فإذا كان الشاب في بداية طريق تَشكّل شخصيّته واكتساب هويّته فليس من السهل إقناعه بثقافة وقيم الآباء والأجداد إذا ما وجدت ثقافة وقيم أخرى يمكنها أن تشغل حيّزًا من تفكيره وسلوكه وإرضاء متطلباته.

بعبارة أخرى، الشباب أكثر استعدادًا لقبول قيم الآخرين من غيرهم للأسباب التي تقدّمت، ومن هنا فالذي يمارس حربًا ناعمة على الآخرين سيكون ناجحًا فيما لو ركّز اهتمامه على عنصر الشباب. يشير الإمام الخامنئي(دام ظله) إلى موضوع الشباب ودورهم في الحرب الناعمة ويقول: "الشباب الجامعيّون هم ضباط الحرب الناعمة"[3]. طبعًا هؤلاء قد يكونون وسيلة لوجود الحرب الناعمة وتكريسها حقيقة وقد يكونون وسائل لمواجهة هذه الحرب ودفعها، وكما يمكن جعل الشاب يقتنع وينجذب إلى الآخرين يمكنه أن يكون محصنًا أمام ذلك.

3- وسائل الإعلام والدعاية
تُشكّل وسائل الإعلام على اختلافها الواسطة الأساسيَّة لنقل القيم إلى الطرف المستهدف، لا بل تلعب وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها وأشكالها الدور الأساس في جعل القيمة ذات جاذبيَّة عند الآخرين. وللوقوف على خطورة وسائل الإعلام يكفي الرجوع إلى إحدى عبارات الإمام الخامنئي(دام ظله) حيث يقول: "إنّ وسائل الإعلام لا تقلّ خطورة عن القنبلة الذريّة من حيث قدرتها التدميريّة"[4].
 
بعد التمهيد الذي تقدّم سنحاول الإطلالة على الحرب الناعمة من وجهة نظر الإمام الخامنئي(دام ظله) مركّزين على الشباب ودورهم في مواجهة الحرب الناعمة. فالإمام الخامنئي(دام ظله) أكثر القادة الذين تحدّثوا وفصلوا في الحرب الناعمة منبهًا ومبيّنًا ومخططًا وموضحًا مختلف الأدوار التي تقع على عاتق أفراد المجتمع.

* تعريف الحرب الناعمة من وجهة نظر الإمام الخامنئي (دام ظله)
تحدث الإمام الخامنئي (دام ظله) حول مصطلح الحرب الناعمة قائلًا إنها حرب بواسطة الأدوات الثقافيّة وهي حرب يُراد منها إيجاد الشك في القلوب من منطلق أنّ الحرب الناعمة تحفر أولًا وقبل أيّ شيء في البعد المعرفي للإنسان.

يقول: "الحرب الناعمة، أي الحرب بواسطة الأدوات الثقافيّة والتغلغل والاندساس والكذب وبثّ الشائعات، بواسطة الأدوات المتطوّرة الموجودة حاليًّا...الحرب الناعمة تعني إيجاد الشك في قلوب الناس وأذهانهم"[5].

كما أكّد الإمام الخامنئي(دام ظله) على أنّ الحرب الناعمة هي حرب حقيقيَّة وموجودة ولا يمكن الشك في أنّ البعض يعتمد عليها لتحقيق مآربه. يقول: "نحن نواجه هجومًا ثقافيًّا وعقائديًّا وسياسيًّا شاملًا وغير معلن؛ أي إنّكم بطبيعة الحال ستقبلون منّي ما أقوله لكم، ولكنّكم غير مطّلعين على مجريات الأمور، وأنا على علم بما يجري من أحداث، وأرى أنّ العدوّ قد جيّش جيشه الثقافيّ والسياسيّ بكل ما أوتي من وسائل ومعدّات، وشنّ هجومًا علينا لإضعاف معتقداتنا الدينيّة والسياسيّة، وتعزيز حالة السخط في داخل البلاد، واستمالة الشباب نحوه بخاصة الناشطين والمؤثرين منهم في مختلف المستويات، لتحقيق مآربه، فهو في جهد وعملٍ دؤوب، وقد اتُّخذ بالتالي إزاء ذلك بعض التدابير"[6].
 
* أهداف الحرب الناعمة من وجهة نظر الإمام الخامنئي(دام ظله)
لا يمكن الحديث عن الحرب الناعمة من دون وجود أهداف مُسبقة مُخطط لها بإتقان ودِقَّة من قِبَل أصحابها وتتفاوت الأهداف بمقدار الفروقات والاختلافات القيميَّة بين الشعوب ونتيجة تضارب المصالح وتعارض السياسات، ومع ذلك فإنّ الأهداف التي يتتبعها الأعداء في حربهم الناعمة ضدّ المجتمع الإسلامي تنبع من أشكال التعارض هذه بين الأعداء والمجتمع الإسلامي. وقد حدّد الإمام الخامنئي(دام ظله) في العديد من خطاباته الأهداف التي يعمل عليها الأعداء بالأخص الأمريكي في حربهم الناعمة ضد المجتمع الإسلامي بشكل عام والشيعي بشكل خاص حيث يمكن إجمال ما أشار إليه الإمام الخامنئي(دام ظله) فيما يلي:

- تستهدف الحرب الناعمة الجوانب المعنويَّة والعقائديَّة والإيديولوجيَّة في المجتمع الإسلامي ويندرج في هذا الإطار المكوّنات الأساسيَّة للهويَّة والشخصيَّة الحقيقيَّة للمجتمع الإسلامي ومن جملة ذلك: القيم، الإيمان، العبوديّة، المعرفة...

- تستهدف تحويل نقاط القوة في المجتمع الإسلامي إلى نقاط ضعف وقيادة المجتمع نحو الانهيار والسقوط ويتجلّى هذا الأمر بصورته التفصيليَّة في محاولات إسقاط النظام الإسلامي الذي يشكّل الأساس للهويَّة الإسلاميَّة ونقطة القوة البارزة في الشخصيَّة الدينيَّة.

- الترويج للثقافة الغربيَّة وتكريس القيم الوافدة بما يحمل ذلك من هدم للهويَّة الدينيَّة في المجتمع.

- تغيير القناعات وتبديل الإرادات وسوق الرأي العام نحو ما يحقق أهداف الأعداء فيكرّس مصالحهم بعيدًا عن مصالح المجتمع الإسلامي.

- بثّ الخلافات وإلقاء الفتن وإذكاء نار الاضطرابات داخل المجتمعات الإسلاميَّة بما يمهد للسيطرة بكافّة أشكالها.

وغير ذلك من العناوين التي يمكن مطالعتها في محاولات الأعداء.

يقول الإمام الخامنئي(دام ظله):"...ما يُسمّى اليوم في العالم بالحرب الناعمة يتقدّم العدو نحو الخنادق المعنويّة ليدمّرها؛ يتقّدم نحو الإيمان والمعرفة والعزيمة والأسس والأركان الأساسيّة للنظام والبلاد؛ يتقدّم العدوّ نحو هذه العناصر ليدمّرها ويبدّل نقاط القوّة في إعلامه إلى نقاط ضعف، ويحوّل فرص النظام إلى تهديدات.."[7].

كما يقول حول التغيير الماهوي للنظام الإسلامي: "إنّ الهدف الأساس والنهائي للحرب الناعمة الممنهجة، هو التغيير الداخلي والماهوي للجمهوريَّة الإسلاميَّة من خلال تغيير المعتقدات وإضعاف إيمان الشعب بخاصة الشباب".[8] ثم يتحدث الإمام الخامنئي(دام ظله) عن استهداف القيم بالأخص المعنوية منها ويقول: "اليوم فإنّ هدف حرب العدوّ الناعمة وحربه الخفية، هو أن يُبعد الناس عن ساحة الجهاد والمقاومة، وجعلهم غير مبالين بالمثل العليا..."[9].

ويقول الإمام الخامنئي(دام ظله) أيضًا: "في الحرب الناعمة يكون الهدف هو الشيء الموجود في قلوبكم وفي أذهانكم وفي عقولكم أي إرادتكم، أي أنَّ العدو يريد تبديل إرادتكم، تغيير الحسابات هو ما يريده العدو"[10].

وإلى ما هنالك من العبارات التي ذكرها والتي تُبيّن أهداف العدو في الحرب الناعمة.

* خصائص الحرب الناعمة
أشار الإمام الخامنئيّ(دام ظله) في طيّات أحاديثه إلى خصائص الحرب الناعمة وما يميّزها عن غيرها من الحروب ليسهل التعرّف عليها وبالتالي اتّخاذ القرار الذي يساهم في المواجهة، فرأى أنّها:

أ‌- طويلة الأمد: تتحقّق نتائجها على المدى الطويل وليس دفعة كما هو الحال في الحرب العسكريَّة. ويُفهم من هذا الأمر أنّ الذي يمارس الحرب الناعمة يعكف على إعداد خطط تتحقّق أهدافها على المدى الطويل وليس القصير، وهذا حال كل الحروب التي تتّخذ من المعرفة والثقافة عناوين أساسية لها[11].

ب- غير منظورة وغير ملموسة: أي أنّ المستهدف في الحرب الناعمة غير مطّلع وغير مدرك لحقيقة وجودها إذ يقدّمها العدو في قالب معرفيّ وقيميّ، يتعرّض البعض لهذا النوع من الحروب وتَلحق به أضرارها عندما يكون في غفلة عن معتقداته وقيمه ..[12].

ج‌- معقّدة وواسعة وشاملة: ليس من السهل اكتشاف وجود الحرب الناعمة، فالعدو يتقدّم إلينا بما هو جذاب وبما يحتل مكانًا ما في أفكارنا وعقولنا، فالحرب الناعمة لا تستهدف شخصًا أو مجموعة دون أخرى بل تستهدف كل من يحمل القيم المعاندة للعدو.[13]
 
* تكتيكات العدو في الحرب الناعمة
يعتمد العدو تكتيكات عديدة في حربه الناعمة ضد المجتمع الإسلامي من وجهة نظر الإمام الخامنئي(دام ظله) الذي ذكر وحدَّد البعض منها:

1- إيجاد القنوط والشك: يحاول الأعداء استهداف العالم الإسلامي والنفوذ إليه من خلال بث أجواء القنوط والشك واليأس عند الأفراد مما يدفعهم إلى عدم الثقة بأنفسهم وقدراتهم ويجعلهم في أقرب المحطات إلى الاستسلام، ومن جملة نتائج القنوط حسب رأي الإمام الخامنئي(دام ظله)، مقدار التأثّر بالنموذج الحضاري الغربي والتقدّم الحاصل في الغرب لا بل وهيمنة الحضارة الغربيَّة على كافّة ميادين الحياة[14].

2- استغلال نقاط الضعف: يبادر العدو لدراسة نقاط الضعف الموجودة في العالم الإسلامي فيبادر إلى الاستفادة منها عبر الترويج لها وتعميمها وإيجاد البدائل التي تتناسب مع ثقافته وقيمه. يقول الإمام الخامنئي(دام ظله): " أعداء دنيانا وأعداء آخرتنا وأعداء عزّتنا وأعداء نظام الجمهوريّة الإسلاميّة يستغلّون نقاط ضعفنا: ميلنا للشهوات عندنا، ومشاعر الغضب عندنا، وسعينا للسلطة، وحبّنا للتباهي والتظاهر"[15]. وفي هذا الإطار يعمل العدو على تحويل نقاط القوّة الموجودة عندنا إلى نقاط ضعف فيجعلها في الهامش ويُبعد المسلمين عن قضاياهم الأساسيَّة والهامة.
يقول الإمام الخامنئي(دام ظله): "الأساس في جدول أعماله هو الحرب الناعمة. هدف الحرب الناعمة هو القضاء على عناصر القوة والاقتدار وسلبها من البلد ومن نظام الجمهوريَّة الإسلاميَّة ومن الشعب الإيراني، وتبديله إلى شعبٍ ضعيفٍ خانعٍ مستسلم، هذا هو الهدف، فإن رضخ الشعب واستسلم، فلا حاجة حينها أساسًا لشنّ حرب صلبة"[16]. كما يضيف: "يشنّ العدو لمواجهة النظام الإسلامي حربًا نفسيَّة باسم الحرب الناعمة الهدف الرئيسيّ منها تحويل مواطن القوّة وفُرص النظام إلى نقاط الضعف والتهديدات"[17].

3- الترويج للفساد: يسعى العدو لإلهاء المجتمع الإسلامي بأنواع الفساد التي تُبعده عن قضاياه وقيمه الحقيقية فيعيش حالة اللامبالاة اتجاهها ويتخاذل في المواقف التي تتطلَّب إظهار الثقة بالنفس والثقة بالقيم والمعتقدات الإسلاميَّة. يقول الإمام الخامنئي(دام ظله): " هناك اليوم الكثير من الأجهزة والجهات التي تسعى لتقود الشباب نحو عدم المبالاة والاستهتار والإباحية والتحرر من كل قيد في شتى المجالات"[18].

4- تحريف الحقائق: من جملة التكتيكات التي يلجأ إليها الأعداء هي تحريف الحقائق وإظهار الخبيث على أنَّه حسن والعكس صحيح، والهدف إبعاد المسلمين عن الحقائق وبالتالي عن قيمهم الإسلاميَّة ويترتّب على ذلك تجميل صورة الغرب وإظهار مساوئه على أنَّها أمور جميلة مما يجعل المسلم -بخاصَّة الشاب- يعيش حالة الاندفاع نحوها وقبولها. يقول الإمام الخامنئي(دام ظله): "توجد اليوم مساعٍ لتحريف الحقائق، يريدون تجميل أخبث الوجوه وأقبح الوجوه وأحلك الوجوه للمتأخّرين من حكّام هذا البلد التاريخيّين، يريدون تزيينها كي لا يطّلع الناس على الحقائق ولا يعلموا ما الذي قام به أولئك تجاه الثورة"[19]. ويقول أيضًا: " ...ايجاد تصوّرات غير حقيقيَّة لدى الشباب إزاء العالم بخاصة أميركا وأوروبا ورسم صورة ورديَّة عنها والإيحاء أنَّها مُريحة وآمنة ومن دون مشاكل، وهذه من الأهداف الأخرى للحرب الناعمة"[20] . كما ذكر الإمام الخامنئي(دام ظله) العديد من التكتيكات الأخرى التي يلجأ إليها الأعداء وحذّر منها ومن جملتها: النفوذ إلى مراكز صنع القرار، التهجّم على الأسس والقيم، وفصل الدين عن السياسة...
 
* مواجهة الحرب الناعمة
تحدّث الإمام الخامنئي(دام ظله)، وبشكل مسهب حول كيفيَّة مواجهة الحرب الناعمة، مؤكّدًا أنّ المواجهة وكيفيّتها من جملة المسؤوليّات الملقاة على عاتق المجتمع الإسلاميّ أفرادًا ومؤسّسات بحيث ينبغي للجميع أفرادًا ومجموعات أن يلعب الدور المطلوب منه في المواجهة. طبعًا سنحاول في هذا المختصر الإطلالة على أبرز عناوين المواجهة من وجهة نظر الإمام الخامنئي(دام ظله):

1- التخطيط والبصيرة: لا يمكن مواجهة الحرب الناعمة من دون إدراجها على جدول أعمالنا لتشكّل حيّزًا واقعيًّا من اهتماماتنا، فنبادر بوعي ومعرفة ودقّة إلى اتّخاذ الإجراءات التي تحول دونها. نتمكن وبواسطة التخطيط من اختيار الطريق الصحيح ونُظهر البنية التحتيّة القويّة لاعتقاداتنا وقيمنا كما يمكننا بواسطة البصيرة أن نشخّص الداء الذي ابتلينا به ونتعرّف على العلاج، ففيها إطلالة على عقبات الطريق وكيفيَّة العبور وفيها وعي وإدراك كامل للأهداف التي نسعى نحوها. يقول الإمام الخامنئي(دام ظله) موضحًا البصيرة: "البصيرة في الهدف، والبصيرة في الوسيلة، والبصيرة في معرفة العدو، والبصيرة في معرفة عقبات الطريق، والبصيرة في معرفة سُبل الحدّ من هذه العقبات ورفع الموانع؛ هذه البصائر كلّها ضروريّة"[21]، "إذا توفّرت البصيرة لن تستطيع أغبرة الفتنة تضليلهم وإيقاعهم في الخطأ. وإذا لم تتوفّر البصيرة فقد يسير الإنسان في الطريق الخطأ حتى لو كانت نيّته حسنة"[22]، "إذا ما توفّرت البصيرة ستعرفون من هو عدوّكم وستختارون الأدوات والوسائل اللازمة"[23]. وتستلزم البصيرة اليقظة والحذر فباليقظة نعرف ونحلّل وبالحذر لا نستسلم أمام كلّ ثقافة واردة إلينا بل نتفحصها ونتبين خصالها ومدى ملائمتها لقيم وثقافة الإسلام. يقول الإمام: "إنّ الأولويّة الرئيسة في البلاد اليوم، مواجهة الحرب الناعمة للعدو التي تهدف إلى بث الريبة والتفرقة والتشاؤم بين أبناء الشعب، وأهم سُبُل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ وتقوية البصيرة والروح التعبويّة والأمل الكامل في المستقبل والمراقبة الجادة في حالات التشخيص"[24].

2- معرفة العدو ومؤامراته: لا يمكن مواجهة الحرب الناعمة إذا لم نتمكن من معرفة العدو معرفة حقيقية وإذا لم نتمكن من معرفة الأساليب والأدوات والطرق التي ينفذ من خلالها إلينا، لأن المواجهة من دون ذلك هي ضرب من الخيال الذي لا يصيب الهدف. بل ينبغي الدقة في ذلك وسلوك الآليّات الحقيقيّة لمعرفة العدو عند ذلك يمكن المواجهة. يقول الإمام الخامنئي(دام ظله): "إنّ ما هو ضروريّ اليوم أكثر من أي شيء آخر هو اليقظة؛ ومعرفة الصديق والعدو. حذار من الخلط بين الصديق والعدو، حذار من أن تعاملوا الصديق معاملة العدو"[25]، "لا بد من معرفة العدو، والوقوف على أساليب عِدائه أيضًا"[26]، "يجب أن تعرف العدوّ، ويجب معرفة جبهة العدوّ، فلا يصحّ أن تحمّل ابتسامة العدوّ على محمل الجدّ، لا ينبغي أن نكون مفتونين منبهرين بالعدوّ..."[27].

3- الشجاعة وامتلاك ادوات المواجهة: ليس من السهل مواجهة الحرب الناعمة بل يحتاج الأمر إلى موقف ومعرفة وبصيرة، وهي أمور لا تتوافر بسهولة إلّا إذا انطلقنا بقوّة وشجاعة للمواجهة وإلا إذا امتلكنا الأدوات والوسائل التي تساهم في المواجهة. وإذا كان العدو يعتمد في الحرب الناعمة على الأدوات الجذّابة فلا بد أن نستخدم تلك الأدوات التي يكون لها الوقع المناسب بهدف ضمان التأثير في المواجهة[28].

4-  إظهار نقاط القوة: إنَّ الأنموذج الحضاري الإسلاميّ، يمتلك الكثير من نقاط القوّة والمنعة التي يمكنها أن تساهم في مواجهة حرب الآخرين الناعمة، فيما إذا تمّ استخدامها وإظهارها وجعلها ركنًا أساسيًّا في عمليّة المعرفة بالإسلام وقيمه، بالإضافة إلى إظهار نقاط القوّة يطال الأبعاد القيميَّة والمعرفيَّة إلى جانب الوطنيّة والاجتماعيّة وكافّة الجوانب الأخرى التي تدخل كعناوين أساسيَّة في بناء الإنسان المسلم والمجتمع الإسلامي.[29]

5- المبادرة: تكمن في المبادرة إلى المواجهة وعدم انتظار الآخر ليقدّم أطروحته بل تتطلّب المواجهة التخطيط واتّخاذ القرار والمبادرة الجادة. يقول الإمام: "إنَّ الحرب الناعمة قائمة الآن على قدم وساق ضد النظام الإسلامي، وعلينا أن نبادر إلى الهجوم أيضًا بدلًا عن الدفاع البحت، وقال: "إن كان في المقرّات والخنادق، ضباطٌ متديّنون وثوريّون وأصحاب إرادة وعزيمة وواعون وأصحاب فكر وشجعان ومضحّون، فيمكن أن نتوقّع نتيجة جيّدة في هذه المعركة"[30].
 
إنَّ ما تقدّم هو بعض العناوين، فقد أكّد الإمام الخامنئي(دام ظله) على عناوين وأفكار أخرى في المواجهة من جملتها: الاقتناع بأصل وجود الحرب الناعمة، الفهم الصحيح والتفصيليّ لآليَّات عمل الحرب الناعمة، الحضور في الساحات ومواصلة التقدّم والتطوّر، تطوير كفاءة الأعلام الإسلامي وصناعة النموذج البديل.... وغير ذلك من العناوين[31].
 
* الشباب والحرب الناعمة
يبرز عنصر الشباب في موضوع الحرب الناعمة كونه ركنًا أساسيًّا فيها على أساس أنَّ الشاب، وبما يمتلك من قدرات وإمكانيَّات، هو الأكثر قدرةً على العمل واتّخاذ القرار وبالتالي إيجاد التغيير. هذا من جهة روح الشباب التي تكون في الشخص، وطبعًا لا يمكن نسيان أن الشاب هو الأكثر عرضةً للخطر أيضًا لأنَّ قواه العقليَّة والجسديَّة قد تسمح له بالجولان في العقائد والأفكار والسلوكيَّات سواء أكان منها الطيب أو الخبيث. وبعبارة أخرى كما يكون المعوّل على الشباب في الاستنهاض والقيادة والتصحيح كذلك الشباب هم نقطة الضعف المحوريَّة التي يمكن أن ينفذ منها الأعداء. من هنا نرى أنَّ الإمام الخامنئي(دام ظله) تحدّث بشكل مفصّل حول الشباب ودورهم في الحرب الناعمة وعلّق الأمل على جهودهم في عمليَّة مواجهة الحرب الناعمة. وسنكتفي هنا بذكر بعض الأفكار التي طرحها الإمام الخامنئي (دام ظله) حول الشباب والحرب الناعمة:

1- الشباب هم ضباط الحرب الناعمة: يشير الإمام الخامنئي (دام ظله) إلى أنَّ عنصر الشباب يمكن أن يلعب دور القائد في مواجهة الحرب الناعمة. لأن الضابط هو الذي يخطّط عن وعي ومعرفة ويقود الآخرين إلى ما فيه النجاة. يقول الإمام الخامنئي (دام ظله) مخاطبًا الشباب: "أنتم الشباب الذين قلنا إنّكم الضبّاط في مواجهة الحرب الناعمة، ابحثوا بأنفسكم وشخّصوا دوركم؛ إمّا مواجهة النفاق الجديد، أو تعريف العدالة"[32].

2- الشباب هم محور النزاع الاساسي بين الجمهورية الإسلاميَّة والاستكبار وهم الذين ينبغي لهم حمل مسؤوليَّة المواجهة وقيادة جبهة محاربة الحرب الناعمة. وفي هذا الشأن يشير الإمام الخامنئي (دام ظله) إلى وجود هويتيّن للضباط، أي الشباب، إما أن يكونوا على شاكلة أشخاص يتمتّعون بالعزم والإيمان والتضحية والمعرفة الصحيَّة بالقيم والمعتقدات الإسلامية وإما أن يكونوا في الدفّة المقابلة أي الانغماس في اليأس والشهوة وما شابه ذلك. هنا تتحدَّد مسؤوليَّة وأهميَّة دور الشباب بناءً على الروح والمعنويَّات والتربية التي حصل عليها.

تحدّث الإمام الخامنئي (دام ظله) بكلام طويل حول الشباب كونهم ضباط للحرب الناعمة ودورهم في المواجهة والمسؤوليَّة الملقاة على عاتقهم، فيقول: " نصل إلى القضيَّة الرئيسيَّة التي تختلج في ذهني، وهي أنَّ واحدة من ساحات النزاع والصراع بين الجمهوريَّة الإسلاميَّة وبين الاستكبار تحوم حول قضيَّة الشباب. ففي الوقت الراهن ثمّة حربٌ قائمةٌ بشأن مسألة الشباب بين الجمهوريَّة الإسلاميَّة وبين أمريكا وحلفائها والصهانية وهي حربٌ ناعمةٌ خفيةٌ شاملة. خاطبتُ قبل عدة أعوام الشباب من طلاب الجامعات وقلتُ لهم: «إنكم ضباط الحربُ الناعمة»، وأنتم أيضًا كذلك تدخلون جميعًا في عداد ضباط الحرب الناعمة. فإن كان الشابُّ يتّسم بالاندفاع والثقة بالذات وقوّة التفكّر والشجاعة، يكون ضابطًا في مواجهات الحرب الناعمة.. هذه هي ميزة الشاب.

افترضوا الآن ضابطًا يتحلّى بهويّة مطلوبة للجمهوريَّة الإسلاميَّة، وضابطًا يتمتّع بهويّة مطلوبة لدى عدوّ الجمهوريّة الإسلاميّة، وقارنوا بينهما، وانظروا ما هو مؤدّى هذه المقارنة؟ علمًا بأنّ كلامنا في الوقت الراهن يدور حول الحرب الناعمة التي هي أشدّ خطورة من الحرب الصلبة، رغم أنهم أحيانًا ما يهدّدوننا بشنّ حربٍ صلبة وبالقصف والهجوم وما شاكل ذلك، فليخسأوا، وأنّى لهم ذلك، إذا لم تتهيّأ لهم أرضية هذا العمل، ولم يمتلكوا الجرأة على القيام بهذا الأمر، ولو فعلوا لأُلقِموا حجرًا.

أما الحرب الناعمة فهم قادرون عليها، وهي قائمة في الوقت الحاضر، فالجانب الذي يواجهنا مكبٌّ على الهجوم، ونحن في هذا الجانب أيضًا مكبّون، ولكن على الهجوم أم الدفاع؟ هذا ما له بحث آخر، وباعتقادي يجب على هذا الجانب أيضًا الهجوم بدلًا عن الدفاع، مع ضرورة الحفاظ على مراكزه الدفاعية أيضًا. إذًا هناك حربٌ مشتعلة، وعليكم تشبيه هذه الحرب الناعمة بالحرب الصلبة وساحة المعركة، كما هي الأوضاع السائدة والحروب القائمة اليوم على سبيل الفرض في سوريا أو العراق أو اليمن أو مناطق أخرى، أو في فترة الدفاع المقدس التي طالت ثمانية أعوام في إيران. فخذوا ضابطًا جالسًا في مقرّه أو خندقه، إذ بالإمكان أن يكون هذا الضابط على نمطين، وتُطرَح له نوعان من الهويَّة وقسمان من التعريف:

تارة يظهر هذا الضابط على هيئة إنسان عاقد العزم، بصيرٍ، متحفزٍ، عامرٍ بالأمل، دؤوب، مفكّر، شجاع، ومضحٍّ. فلو كان الضابط في مقرّه أو خندقه متّسمًا بهذه السمات، يمكن تقدير نتيجة هذه الحرب. ذلك أنّ الضابط شجاعٌ، رشيدٌ، مفكّر، مؤمن، يتسم بالأمل والعزيمة والاندفاع، وهذا نوعٌ من أنواع الضباط.

وبالإمكان افتراض نفس هذا الضابط بشاكلة وهوية أخرى. فلنفترض أنه إنسانٌ يائس، يرى أن لا طائل من ورائها [الحرب]، و[يقول] إنَّ صمودكم لا جدوى منه، فهو مصابٌ باليأس والإحباط. أو أنه إنسانٌ خاضعٌ مستسلم، تثقلُ عليه المعارضة والمقاومة، ولو أنه يصمد قليلًا في بعض الأحيان، ستفرض الضغوط الكثيرة والبطش الشديد عليه التراجع، وهذه هي طبيعة حاله. أو هو إنسان تنطلي عليه الـحِيَل، ويثق بابتسامة العدوّ، ويعتمد على خدائعه، أو هو أساسًا لا يُدرك خديعة العدو. الحرب مليئة بالحيلة والخديعة، وهذا هو حال الحروب برمتها: «الحربُ خدعة». من أهم الأمور التي ينهض بها القائد المقتدر في الحروب العسكريَّة، هي أن يقوم بعمليَّات وتحرّكات لمخادعة العدو، فيخال العدو أنّه يريد التقدّم من هذا المكان وتنصرف أنظاره إليه، ولكنه يهجم عليه من الخلف. وافترضوا أن يكون هذا الضابط، ضابطًا تنطلي عليه الخديعة، ولا يُدرك معنى تحايل العدو ولا يشخّصه. أو أن يكون إنسانًا خاملًا يطلب اللجوء إلى الراحة والدِعة والنوم. أو أن يكون مُدمنًا على المخدرات أو على تلبية الشهوات أو على بعض الألعاب الكمبيوتريّة التي راجت أخيرًا - وسمعت أن البعض قد أدمن عليها - لا يفكّر ولا يكترث بمصيره ومصير من علّقوا آمالهم عليه. أو أن يكون هذا الضابط في خندقه منغمسًا في إشباع غرائزه المادية والحيوانيّة، وغارقًا في بحر ملذّاته، فبالإمكان تصوّر هذا الضابط على هذا الشكل وهذه الهيئة وهذه الشاكلة. ولكن ماذا ستكون نتيجة الحرب؟ هذا واضح. إذًا يمكن تعريف هويّة ضباط الحرب الناعمة على نمطين، وهذه هي واحدة من مواطن الاختلاف الشديدة فيما بيننا وبين أعدائنا.

العدوّ يريد للضابط في الحرب الناعمة، وهم الشباب، أن ينهج منهجًا، والجمهوريّة الإسلاميّة تريد له أن ينهج منهجًا آخر. والتأكيد في الجمهوريَّة الإسلاميّة على التديّن والعفّة والورع والابتعاد عن الإفراط في النزوع إلى الغرائز، لا ينبغي أن يُحمَل على محمل التعصّب والدوغمائيَّة على حدّ تعبيرهم والتحجّر وما إلى ذلك.. كلّا، بل هو منهج تربويّ، مستوحى ومستقى من تعريف الضابط والقائد في الحرب الناعمة، وهذه هي واحدة من ساحات التحدي بيننا وبين أمريكا. حيث يحبّذ الأمريكيّون أن يتجرّد شبابنا من الشجاعة والأمل والاندفاع والنشاط والقوة الجسديّة والفكريّة، وأن ينظروا إلى العدو نظرةَ تفاؤل، وإلى القيادة والقاعدة الداخليّة نظرةَ تشاؤم.. هذا ما يريده العدوّ لشبابنا، وهذا هو الهدف من وراء كل ما يقوم به في إعلامه من خلال قنوات الإذاعة والتلفاز والمواقع الإلكترونيَّة وفي أنشطته الأخرى التي تستهدف الشباب في خطابها، حيث يبتغي تبديل الشابّ إلى مثل هذا العنصر المجرّد عن الإيمان الصائب والشجاعة الكبيرة والمحفّز والأمل. والجمهوريَّة الإسلاميَّة تقف بالضبط على النقيض من ذلك، حيث تريد للشاب أن يتحوّل إلى عنصر نشيط مؤثّر.

هنا تأتي مطالبتي منكم يا أعزائي وأبنائي: عليكم أن تضطلعوا بأدواركم، وأن تعملوا على تربية أقرانكم - وهم شباب مرحلة الثانويّة من أعماركم - بالشكل الصحيح وبالاستناد إلى هذا التعريف، وأن تساعدوهم على بلوغهم هذا المستوى، فإنّ هذه هي وظيفة الاتّحادات الإسلاميّة. ولا يتسنى ذلك بالطبع إلّا إذا حالفكم التوفيق في بناء أنفسكم وتهذيبها. وهذا ما هو موجود إلى حدّ كبير والحمد لله، كما ذكر الآن الشيخ الحاج علي أكبري - وقد أفرحني تقريره حقًا، وكانت قد بلغتني التقارير في ذلك إلى حدّ ما، وكنت على اطلاع بهذا الأمر، ولكنّه صرّح اليوم هنا بذلك -، عليكم بناء ذاتكم وبناء غيركم. علمًا بأنّ الاتّحادات الإسلاميَّة لا تختصّ بكم، فإنّكم على مستوى طلاب المدارس، وهذا الواجب ملقى على عاتق الاتّحادات الإسلاميَّة وعلى مستوى طلاب الجامعات أيضًا. وفي كل مكان، أيّما اتّحاد إسلامي طلابي - سواء على صعيد المدارس أو الجامعات - بادر بدلًا من تربية الشابّ الإيراني على هذه الهويّة والشاكلة التي ذُكرت، إلى حركة في الاتّجاه المعاكس، أو قصّر في هذا الاتجاه، فقد عمل على خلاف ما تمليه عليه وظيفته وما يريده الله منه"[33].
 
* الخلاصة
إنَّ الإمام الخامنئي(دام ظله) هو أكثر القيادات والشخصيّات الإسلاميَّة التي تحدّثت حول الحرب الناعمة حيث عكف ومنذ سنوات عديدة على مخاطبة العالم الإسلاميّ محذّرًا من الخطر الكبير الذي تُشكّله الحرب الناعمة على المجتمع الإسلاميّ وقيم الإسلام وقد أكّد مرارًا أنَّ الحرب الناعمة أشد خطرًا من الحرب الصلبة أو العسكرية وهي حرب موجودة لا يمكن انكارها بالاخص مع وجود مشاريع وافكار وخطط يعمل العدو عليها سرًّا وعلانيّةً بهدف إبعاد المسلمين عن إسلامهم وإحلال الحضارة الغربية مكانه. النقطة الهامة هنا هي مدى ثقتنا ومعرفتنا بديننا وقيمنا ومقدار ما تتمثّل قيم الإسلام في أفكارنا وسلوكيّاتنا. فعندما يبادر الإمام الخامنئي(دام ظله) لتنبيهنا من الأخطار المحدقة فهل أيقنّا بالخطر أم تعاملنا معه باستهتار واستهزاء وما شابه ذلك.
إذا كان الإمام الخامنئي(دام ظله) تحدَّث مِرارًا حول الخطر الناعم منبّها منه، فما هو الدور الذي لعبناه لنصون أنفسنا وعوائلنا ومجتمعنا، فعند الغرق لا ينفع الصراخ. وهنا تكمن أهميَّة الإمام الخامنئي(دام ظله) الذي استشرف الخطر باكرًا وقدّم الآليَّات الصحيحة للمواجهة وما علينا إلا المبادرة.


[1] - تجدر الاشارة إلى أن جوزيف ناي واحد من الذين تولو مسؤليات متعددة في الولايات المتحدة ، فهو كان يشغل منصب نائب وزير الدفاع في عهد كلينتون ومدير مجلس المخابرات الوطني وعميد كلية الدراسات الحكومية في جامعة هارفرد.
[2] - القوة الناعمة ، جوزيف ناي ، ترجمة توفيق البجيرمي ، دار العبيكان ، ص 12
[3] - رؤية الإمام الخامنئي في مواجهة الحرب الناعمة ، مركز قيم للدراسات الثقافية ، الطبعة الاولى 2011 ، ص 89.
[4] - المصدر نفسه ، 123.
[5]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 25/11/2009.
[6] من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 5/10/2015
[7]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 24/9/2009.
[8]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 12/10/2012.
[9]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 2/10/2016.
[10]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 6/8/2012.
[11]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 22/10/2016.
[12]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 25/10/2015.
[13]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 12/10/2015.
[14]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 4/3/2013.
[15]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 12/5/2012.
[16]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 8/2/ 2016.
[17]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 24/9/2009.
[18]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 12/3/2015.
[19]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 7/1/2015.
[20]   من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 12/10/2015.
[21]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 7/10/2009
[22]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 7/10/2009
[23]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 7/10/2009
[24]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 26/11/2009.
[25]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 6/7/2009.
[26]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 8/1/2013.
[27]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 9/1/2014.
[28]  الحرب الناعمة؛ معالم رؤية الإمام الخامنئي، إصدار مركز الحرب الناعمة للدراسات، ط1، 2014، ص59.
[29]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 8/2/2014.
[30]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 20/4/2016
[31]  راجع: الحرب الناعمة : معالم رؤية الإمام الخامنئي، اعداد مركز الحرب الناعمة للدراسات،ط1، 2014،ص 35-100
[32]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 26/8/ 2009
[33]  من كلام الإمام الخامنئي بتاريخ 20/4/2016.

أضيف بتاريخ: 04/08/2022