مقالات عامة

الموعود: "كلّ يومٍ موعدُه، كلّ أرضٍ ميعادُه"

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ (النمل - 59)

الموعود

بقلم الشيخ حيدر نبهان

تذكرة في ذكرى مولد خاتم الأوصياء عجل الله تعالى فرجه الشريف.

أيها الصاحب نسألك الدعاء

في ذكرى مولد الإمام المهديّ (عج) لا بدَّ لنا من وقفة، وفي هذا الصدد يمكن تصوير أربع لحاظات رئيسيَّة:

1 - المهدويَّة كقضيَّة وما تمتاز به من صفة عالميَّة وسعة دائرة تغييره وحصريّة تكليفه، وفي هذا تشترك مختلف المذاهب الإسلاميَّة والأديان السماويَّة.

2- المهدي(عج) كخليفة وصاحب مشروع إلهي مع ما يشتمل عليه فعله ويرتبط به من علامات ظهور ومعالم دولته وفي الحديث الشريف: (فإن لنا دولة إذا شاء الله جاء بها)[1] .

3- الجماعة المنتظرة، حيث يتولّى نائبه رعاية شؤونها وهي ولاية الفقيه التي يمارسها مباشرة أو عبر ممثليه.

 4- الفرد المنتظر، وذلك أنّا كإماميّة إثني عشريَّة نمتاز عن غيرنا بالقول إنّ المهدي المنتظر(عج) حيّ موجود، وفي هذا الصّدد نؤكّد على جملة من التوصيات، منها:
 
أ. الارتباط به وتجديد العهد وترقّب ظهوره، وفي هذا الصدد يمكن طرح شعار (كل يوم موعده كل أرض ميعاده) يساعد على استحضار ذلك، على غرار (كل يوم عاشوراء كل أرض كربلاء) ولا يخفى مدى الارتباط بين وخروج جده سيد الشهداء(ع) وحركة المهدي المنتظر(عج) والأخذ بثأره وما يمثّل كلا الأمرين من ميزة فائقة في التراث والثقافة الدينية للشيعة الإثني عشريّة.

ب.   الاستغاثة به وطلب تسديده ورعايته ودعاءه، وهنا نشير إلى عمل مجرّب في هذا الصدد أورده الشيخ عباس القمي (رض) في كتابه مفاتيح الجنان، وهو صلاة ركعتين يليها زيارة مختصرة للإمام المهدي (عج) (سَلامُ الله الكامِلُ التَّامُّ الشَّامِلُ العامُّ ...) [2] .

ج. الأمل بلقائه والسعي لذلك، وذلك من خلال برنامج عملي يراعى فيه الحد الأدنى، عبر التركيز على مورد سلبي في السجل الشخصي، كالالتزام بأداء صلاة الصبح في وقتها، أو بر الوالدين أو عدم أذية الجار، وهكذا حيث يعاهد إمام زمانه على شيء أو أشياء من نقاط ضعفه يسعى لرفعها حتى يتشرّف بلقائه وهو منزّه عنها.

د. الدعاء بتعجيل الفرج دون أنانيّة، بحيث لا نعلّق ظهوره على صلاحنا الفرديّ أو حضورنا الشخصيّ في الدعاء له، فندعو بتعجيل فرجه بغض النظر عن وضع الداعي الشخصي، بأمل أن تشمله ألطاف وبركات صاحب الزمان(عج) فهو رحمة الله وسفينة نجاة، يردّ التحية بأحسن منها.
 
وفي الختام، نبتهل إلى الله (عزّوجلّ) في ذكراه (عج) بالدعاء قائلين:
 
"اللّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا وَقِلَّةَ عَدَدِنا وَشِدَّةَ الفِتَنِ بِنا وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَعِنّا عَلى ذلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَبِضُرٍ تَكْشِفُهُ وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُناها وَعافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُناها بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ".

"اللهُمَّ إنّا نَرغَبُ إلَيكَ في دَولَةٍ كَريمَةٍ تُعِزُّ بِها الإسلامَ وَأهلَهُ وَتُذِلُّ بِها النِّفاقَ وَأهلَهُ، وَتَجعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إلى سَبيلِكَ وَتَرزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ".

﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الصافات – 182)


[1] الكافي، الكليني، ج2، ص 23.
[2]  انظر مفاتيح الجنان، الشيخ عباس القمي، ص 206

أضيف بتاريخ: 27/02/2024