لم يكن مصطلح الحرب الناعمة مألوفا في الأذهان، على الأقل على المستوى الجماهيري في منطقتنا إلى أن جرى تداوله على نطاق واسع بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية وخاصة من قبل الإمام الخامنئي دام ظله وقادة الحرس الثوري الإسلامي في إيران، وعدد كبير من الشخصيات الإعلامية العربية ( كالإعلامي المصري محمد حسنين هيكل)
تحاول الدراسة التي بين أيدينا ت مقاربة الحرب الناعمة في نشأتها وآلياتها ووسائلها والغايات المرتبطة بها، إيذانا بإماطة اللثام عما يزال يكتنفها من غموض وأملاً في المزيد من تعميق الوعي الذي يضيف إلى القارئ العزيز ما يرنو إليه في فهم واقعه لجهة أبعاده العلائقية مع الآخر، واستشراف أفق هذه العلاقات.
لا تعترف الولايات المتحدة الأميركية بصفة رسمية بشن أية حرب ناعمة، رغم أنها تتفاخر بقوتها الناعمة، وبين التفاخر بالقوة الناعمة والإعتراف بالحرب الناعمة خيط فاصل، ذلك أن جوهر وقوام الحرب الناعمة يعتمد على مبدأ السرية في تجهيز أرضية الموارد الناعمة قبل شن هذه الحرب
يعد سماحة الإمام القائد الخامنئي لا من أكثر الشخصيات الإسلامية والعالمية التي استخدمت مصطلح "الحرب الناعمة" في الآونة الاخيرة، محذرا من الوقوع في شراكها، ومنبها من أفخاخها، ومبينا سبل مواجهتها، بما لا يقل عن خمسة عشر خطابا في خمس عشر مناسبة منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في ايران في العام 2009 وحتى تاريخ زيارة سماحته الى مقر وزارة الاستخبارات الإيرانية في العام 2011، وفي كل هذه الخطابات حدد وشخّص سماحته الحرب الناعمة كمصدر تهديد رئيسي للنظام الإسلامي في إيران وللصحوة الإسلامية في المنطقة، معتبرا أن هذه الحرب أصبحت الأمل الأخير للاعداء لمواجهة نمو وتقدم النظام الإسلامي في إيران والصحوة الإسلامية في المنطقة.