أبحاث ودراسات

الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB) والحرب الناعمة





الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB)
والحرب الناعمة 



إعداد مركز الحرب الناعمة للدراسات



يكثر الحديث، همساً وجهاراً، سراً وعلانية، عن دور فاعل ومؤثر تقوم به الجامعة الأمريكية في بيروت، بما يتجاوز غاياتها الأكاديمية، نحو أمور تتصل ببناء جيش من الخريجين المشبعين بالقيم الأمريكية، والمؤهلين للقيام بأدوار يجري تحديدها وفق رؤية السياسات الأمريكية للمنطقة، على اختلاف أوجهها، السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى الأمنية منها.

ولا يحوج الباحث كثير من الجهد، حتى يلحظ جملة من المعطيات التي يمكن وضعها في خانة تدعيم ما يثار عن وجه آخر للجامعة الأمريكية، سواءً من خلال أدبيات تعود لبعض صانعي السياسات الأمريكية في هذا المجال، أو ما تضمنته كتابات وخطابات ممّن تولوا إدارة هذا الصرح الأكاديمي.

فهذا "جوزيف ناي" منظّر القوة الناعمة، بأفكاره التي تنساب في مخططات وسياسات الإدارة الأمريكية، يضع الجامعات في موقع متقدم على محاور الصراع الناعم الذي يشهده العالم، حيث تسعى الدول إلى تعزيز قدراتها الجاذبة، فكل طالب وخريج من الجامعات الأمريكية سوف يمكّن القوة الأمريكية الناعمة من النفوذ(1).

والجامعات الأمريكية التي تستقطب من غير الأمريكيين، 28% من الطلاب الذين يدرسون خارج بلدانهم، و86 ألف باحث(2)، يرى "كولن باول" وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، أن هؤلاء الطلبة سينتهي بهم الأمر ليكونوا خزاناً رائعاً للنوايا الحسنة تجاه أميركا(3)، ويكمل جوزيف ناي، فيقول إن كثير من هؤلاء الطلبة يستطيعون التأثير على نتائج السياسات المهمة للأمريكيين(4).    

من جهتهم، تناوب رؤساء الجامعة الأمريكية في بيروت، على توضيح الكيفية التي سيؤثر من خلالها هؤلاء الطلبة على السياسات. فقد أشار رئيس الجامعة "جون وتربيري"، إلى دور الجامعة في صناعة الأفكار والقيم، عندما قال(5): نحن فريدون، ويجب علينا أن نجعل ذلك واضحاً، إن الجامعات الأخرى تستخدم الكتب ذاتها كتلك التي نستخدمها، ولكننا مختلفون في أننا نساعد الطلاب على الارتياب في الأفكار، إذ ليس المهم ما تعرفه، بل كيف تفكر، إننا نحاول التأكيد على المرونة الذهنية وتشكيل أنظمة القيم. بينما، قال "بيتر دورمان"(6): إنّ الجامعة الأمريكية في بيروت التي هي في الأساس سلسلة من الحوارات والعلاقات والتفاعلات، مكرسة نفسها لتخريج قادة متنورين ذوي رؤية.

ثمّ يكمل الباحث والكاتب الأمريكي "بيتي أندرسون"  في دراسته التي أعدها- بعنوان الجامعة الأمريكية في بيروت القومية العربية والتعليم الليبرالي- الكشف عن حقيقة الدور الذي سوف يلعبه هؤلاء الطلبة في قوله: إنّ إعادة بناء شخصية الطالب في الجامعة على أسس وقيم ومعايير تربوية وثقافية وسياسية جديدة، وصولاً إلى متابعته بعد التخرج عبر جمعية متخرجي الجامعة الأمريكية، إنّما ليكون هذا الطالب بمثابة السفير الأمريكي الافتراضي(7). 

في لغة الأرقام، هذا الصرح التعليمي الذي يعد أول من افتتح قطاع التعليم العالي في لبنان، بدأ مع 16 طالباً في العام 1866، ووفق إحصاءاته الرسمية في السنة الدراسية 2015 – 2016، بلغ عدد طلابه المسجلين ثمانية آلاف وخمسماية وأربعون طالباً وطالبة (8540) في مختلف التخصصات(8)، والذين تخرجوا من الجامعة الأمريكية في بيروت منذ تأسيسها عام 1866، بلغ عددهم أكثر من اثنين وسبعين ألفا ًوخمسمائة طالباً وطالبة(72.500)، وفدوا من حوالي مائة دولة، ودرسوا في حوالي 120 تخصص جامعي. ويقدّر عدد الطلاب اللبنانيين من مجموع هؤلاء المتخرجين بحوالي خمسة وخمسون ألف طالب وطالبة(55.000)(9). 

تشير هذه الأرقام، إلى حجم الدور الذي يلعبه هؤلاء الخريجون في مجال القوة الناعمة، ولاسيّما، إذا صدقت التقديرات التي تقول بأن الإدارة الأمريكية توظف ما لا يقل عن 50% من هذه الطاقات والقوى في مختلف ميادين وحقول المشروع الأمريكي، ثقافياً واقتصادياً وسياسياً، وحتى أمنياً. 

وفي هذا المجال، يستوقف الباحث معطيات أوردها الدكتور "رامي عليق" أحد خريجي الجامعة الأمريكية، واستاذ مادة تربية النحل فيها، ضمن كتاب نشره حول تجربته في الجامعة، يقول(10): إنه تعرّض عدة مرات للضغوطات في محاولة لتجنيده لحساب مكتب التحقيقات الفيدرالي(FBI) مقابل المنحة التي تلقاها من السفارة الأمريكية، ثمّ يكمل عليق: سألني الموظف في السفارة عن إمكانية العمل مع الأجهزة الحكومية الأمريكية سيما مكتب التحقيقات الفدرالي بالتحديد.

وفي مقطع آخر حول أسباب طرده من اميركا، يقول عليق: لقد أخبرني المحقق الأمريكي أن سبب ترحيلي عن الأراضي الأمريكية كان عدم تعاوني مع مكتب التحقيقات الفدرالي، وأن حصولي على التأشيرة لن يكون صعباً إذا قبلت بإرساء صيغة تعاون للعمل معه بالتنسيق مع وزارة الخارجية الأمريكية. 

هذه المعطيات وغيرها، تشكل دافعاً قوياً نحو التعمق أكثر في تبيان حقيقة الدور الذي تضطلع به الجامعة الأمريكية في بيروت، وحجم تأثيراته في مجتمعاتنا، إلى جانب الإجابة على التساؤلات الآتية:
-لماذا التعليم الأمريكي في بيروت منذ القرن التاسع عشر؟
-أسباب التحول من التبشير بالقيم البروتستانتية نحو التبشير بقيم العلمانية؟
-حجم علاقة الجامعة بدوائر السلطة الأمريكية؟
-من المستفيد الأكبر من الجامعة الأمريكية، العرب أم أميركا؟
-لماذا انتقل التدريس من اللغة العربية إلى الإنجليزية؟

وفيما تركزت الدراسات المعمقة حول الجامعة الأمريكية وأنشطتها في بيروت على باحثين أمريكيين، يلاحظ ندرتها عند الباحثين العرب، شكّلت الاستعانة ببعض طلابها، محاولة للحد من هذه الندرة، حيث أجريت مقابلات مع عدد من الطلاب، من مختلف المناطق والصفوف والمستويات والاختصاصات، للتأكد من صحة بعض المعطيات، وإجراء المقارنة بين الأهداف المعلنة والأنشطة داخل الجامعة. 

كما تمت الاستعانة بمقالات وتقارير صحفية تناولت قضايا مرتبطة بالجامعة الأمريكية، إلى جانب معطيات منشورة حول الجامعة من مصادر ومراجع رسمية، منها، كتاب "سجل الحقائق، 150 عاماً على الجامعة الأمريكية في بيروت" من إعداد مكتب الأبحاث وخدمات التقييم في الجامعة الأمريكية الصادر عام 2016.

وسوف يتوزع البحث على مقدمة وثلاثة فصول مع خاتمة بأهم الاستنتاجات 
والتوصيات، فيتناول الفصل الأول، السياق التاريخي لنشأة الجامعة الأمريكية وأهدافها، بينما يتناول الفصل الثاني، برامج القوة الناعمة في الجامعة الأمريكية، ويتناول الفصل الثالث، مخرجات القوة الناعمة للجامعة الأمريكية. وتشتمل الفصول على الموضوعات الآتية:

الفصل الأول: حول نشأة الجامعة الأمريكية وأهدافها المعلنة
1ـ الجذور التاريخية للمشروع الثقافي الغربي في لبنان والمشرق. 
2. التبشير بالقيم البروتستانتية، أولى الأهداف.
3ـ التحول نحو قيم العلمانية. 
4ـ الاتجاه نحو صناعة أدوات النفوذ الأمريكي.
5ـ الجامعة الأمريكية، والجاسوسية. 

الفصل الثاني: برامج القوة الناعمة في الجامعة الأمريكية 
1ـ عالم أمريكي في لبنان. 
2ـ تشجيع الأطر والنوادي الطلابية. 
3ـ منهجية التفكير الليبرالي والعلماني.
4ـ الدعم المالي. 
5. الشبكة الأكاديمية الأمريكية.

الفصل الثالث: مخرجات القوة الناعمة للجامعة الأمريكية 
1 ـ ريادة النموذج الأمريكي.
2. تحرير المرأة.
3ـ من العربية إلى الإنكليزية.
4. ربط المتخرج بالمشروع الأمريكي.
5. التطبيع مع الصهاينة.

للاطلاع على الدراسة كاملة إضغط PDF





 1. جوزيف ناي، القوة الناعمة، بيروت، دار العبيكان، 2007، ص55.
  2.جوزيف ناي، القوة الناعمة، م.س.، ص63.
  3.جوزيف ناي، القوة الناعمة، م.س.، ص77.
  4.جوزيف ناي، القوة الناعمة، م.س.، ص77.
  5. Ineterview with president John Waterbury. 18. In AUB
   www. Aub.edu. accredition / documents/ appendix
  6.Peter dorman . Inauguration of Peter dorman. AUB. 4 MAY 2009.  P 5  
 

 7.  بيتي أندرسون الجامعة الأمريكية في بيروت،  دار الاهلية للنشر والتوزيع، عمان الاردن، ط 2014 ، ترجمة عزمي طبة ، ص 234 . ، الجامعة الأمريكية في بيروت، م.س. ص 
12.
8.  سجل الحقائق، 150 عاماً على الجامعة الأمريكية في بيروت، إعداد مركز ومكتب الأبحاث وخدمات التقييم
Office of Institutional Research and Assessment (OIRA) اصدار 2016، منشورات الجامعة الأمريكية،  الرابط -
 http://public.aub.edu.lb/sites/Forms/Shared%20Documents/AUB_Factbook_201
6.pdf

9.  عدد الخريجين الأجانب حوالي خمسة عشر الف طالب وطالبة (15.000 ألف) على أساس احتساب المعدل والمتوسط
 لتسجيلاتهم تاريخياً منذ تأسيس الجامعة عام 1863 تتراوح ما بين 18% و20% 


  10.   رامي عليق، طريق النحل، بيروت، منشورات طريق النحل،2008، ص 152



 




أضيف بتاريخ: 05/07/2017