إستخبارات الإستكبار توجه حملة العداء للإسلام اليوم
وفي أي مكان يؤمن الناس بالقرآن ويعتقدون به، تشتدّ فيه العداوة للإسلام وللقرآن، وهذا ما تشاهدونه اليوم.
تتلطّى السياسة في العالم خلف تلك الأذهان المريضة والخبيثة، التي تستبيح كل الحُرمات في معادتها لنبيّ الإسلام. ولا يمكن التصديق بأنّ استمرار وانتشار إهانة الإسلام ومُعاداة الإسلام والمسلمين في العالم، هو بمعزلٍ عن توجيهات الأجهزة الاستخبارتية، وعن الدعم المالي للقوى العظمى. وأنتم تشاهدون نماذج ذلك في العالم، أعني مناهضة الإسلام.
بالطبع هم يجدون لأنفسهم الحُجج، ففي بعض تصرّفاتنا، نحن المسلمين، انحراف، وتصلُّبٌ، وتحجرٌ وأعمال خاطئة، تتّخذها الشياطين مستمسكاً علينا، كي يتحقّق مصداق الآية الشريفة ﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ﴾. على المسلمين معرفة ذلك.
وجوب التصدي لعداء القوى العظمى
يجب نشر الدعوة الإسلامية بكل صراحة، وشجاعة وصدق، وبالتزامن مع الركن الأساس للدعوة الإسلامية، ألا وهي العدالة.
قال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً﴾3 هاتان خصيصتان من خصائص الدعوة الإلهية، خصيصتا الكلمة الربوبية: "الصدق والعدل"، وعلى المسلمين أن يُظهروا ذلك في أنفسهم. وهو كفيل بجذب القلوب، وإدخال كلمة الإسلام إليها. بالطبع فإنّ العَداء أيضاً موجود، وسيستمر. يجب التصدّي للعَداء، كما تصدّى له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم . وكما تصدّى له المؤمنون بالإسلام، والمؤمنون بالحقيقة والعدالة على مرّ العصور.
مخططات الأعداء بث الفرقة بين المسلمين
نحتاج اليوم نحن المسلمين إلى الوعي، نحتاج إلى معرفة الخريطة العامة لحياتنا ومعرفة مواجهة الأعداء لنا وللإسلام. إذا عرفنا المخطّط (المؤامرة)، فسوف نختار الطريق الصحيح. لكن المشكلة تكمن في أنّنا نحن المسلمين أحياناً، لا نعرف ما هي المُخطّطات بالشكل الدقيق، لذا نصبح جُزءاً منها. وللأسف هذا ما ابْتُلي به العالم الإسلامي هذه الأيام. فمُخطّط الأعداء هو بثّ الفُرقة بين المسلمين. ومُخطّط الأعداء هو إثارة النّعرات المذهبية بين المسلمين. ومُخطّط الأعداء هو حَرْفُ وُجْهَة الأُمة الإسلاميّة عن الخصوم والأعداء الحقيقيّن، أي الرأسمالية الفاسدة المُفسدة، والصهيونية، إلى أماكن أخرى.
في يوم من الأيام، ناهض العالم الإسلامي الصهيونية الغاصبة، فوصفها الأعداء في دعاياتهم، إنها مُعادةٌ للسامية (اليهودية) ، مع أنها لم تكن كذلك. إذ يعيش اليهود في الدول الإسلامية، كغيرهم من أبناء الديانات الأخرى - اليهودية، المسيحية والإسلامية - إلى جانب بعضهم بعضا. يعيش اليوم في وطننا، اليهود والمسيحيون والمسلمون، وبعض أتباع الديانات الأخرى، معاً في ظل أمن الإسلام. المسألة ليست معاداة السامية، فهم يكذبون ويُحرّفون قضية مناهضة الصهيونية الغاصبة والمحتلة، والظالمة وقاسية القلب، على أنّها معاداة للسامية. لكن الغرب نفسه، قد ابْتُلي اليوم بمعاداة الإسلام والمسلمين، وهم يُقدّمون الدعم، ويُؤازرون الّذين يوجّهون الإهانات للإسلام وللرسول الأعظم. هذه هي معاداة الإسلام، وهي موجودة عندهم. كما أنهم يُروِّجون لمعاداة المذاهب المُخالفة في المجتمع الإسلامي، معاداة الشيعة، تلك هي سياستهم. يجب أن يتنازع المسلمون فيما بينهم، أن يتلهّوا بالنّزعات، السنّة ضدّ الشيعة، والشيعة ضدّ السنّة، والهدف من ذلك هو صرف نظرهم عن العدوّ الرئيسي، فلا يعرفون مَن الّذي يناهض الإسلام، ولا يعرفون مَن الذّي يَنْصُب الأفخاخ الخطرة للإسلام. علينا أن نعي ذلك، على الشعوب أن تعي ذلك، على السياسيين أن يعوا ذلك، وعلى المثقفين أيضاً أن يعوا ذلك.
ضرورة معرفة مخططات الأعداء
يجب أن نعرف ما هي مُخطّطات الأعداء. فإذا عرفنا ما هي مخطّطاتهم، حينها يمكننا أخذ التدابير اللازمة لمواجهة مؤامراتهم. لكن إن بقينا نجهل مُخطّطات الأعداء، فلن نستطيع إلى ذلك سبيلا، سنخطئ اختيار الطريق، وسنخطئ التصرّف. هذه هي مُخطّطات الأعداء: أن تتلهّى الأمّة الإسلامية بعضها ببعض، وأن يثيروا النعرات فيما بينها، وهذا ما فعلوه هذه الأيام، فيُقتل الآلاف، وتُراق الدماء، وتنصرف الأمّة الإسلامية عن اهتماماتها الرئيسة، وتغفل عن التطوّر الذي يجب أن تصل إليه، وذلك بهدف تأمين مصالح المستعمرين، مصالح أصحاب النفوذ الظالمين، وهذا ما فعله الاستعمار في يوم من الأيام.
إدعاءات الغرب " الإنسانية " لن تبيض وجه الإستعمار الأسود
أقول لكم، لن يستطيع الغربيّون محو وَصمة عار الاستعمار عن تاريخهم. ولن تستطيع شعارات الدّفاع عن حقوق البشر، وشعارات الدفاع عن الديمقراطية، أن تجعل ما قام به الغرب المُدّعي في آسيا وأفريقيا، وفي أمريكا اللاتينية وفي جميع الدول التي رزحت لسنوات طوال تحت نير الاستعمار، طيّ النسيان. هذا ما فعلوه زمن الاستعمار، ويكملون المؤامرة اليوم لكن بطرق أُخرى، وهم ما زالوا يسعون إلى نفس الأهداف. حسنٌ. علينا أن نكون واعين، أن نعي ما نقوم به، علينا أن نعرف خارطة طريقنا.
ضرورة الإتحاد بين المسلمين في وجه مخططات الأعداء
إنّ الإتحاد بين المسلمين، والتوافق، والتعاضد والتعاون، من الأمور الضرورية والملحة جداً. وندعو جميع الدول الإسلامية، وجميع الحكومات الإسلامية، إلى التبصّر في جميع الأمور، ليروا مَنْ هم الخصوم، وندعوهم أن لا يخطئوا في معرفة العدوّ، وأن لا يخطئوا في معرفة مخطّطات الأعداء، وليعرفوا مرامي الأعداء، وليعرفوا أين تكمن سعادة شعوبهم.
أتمنّى من الله المتعال وببركة يوم المبعث، وببركة الاسم المبارك والمقدّس لخاتم الأنبياء، أن يُعرّف الله جميع الشعوب الإسلامية طريقها، وأن يوقظنا جميعاً من غفلتنا، وأن يوفّقنا إن شاء الله، ويوفّق الأمّة الإسلامية للوصول إلى قمم السعادة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مسؤولي النظام وسفراء البلدان الإسلامية بمناسبة ذكرى المبعث النبوي الشريف_7/ 6/ 2013