خطابات الإمام السيّد علي الخامنئي

كلمة الإمام الخامنئي(دام ظله الشريف) في لقائه رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الوزراء

كلمة الإمام الخامنئي(دام ظله الشريف) في لقائه رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الوزراء
27/08/2015

بسم الله الرحمن الرحيم‌
إنّ اقتران هذا اللقاء بذكرى ميلاد ثامن الأئمة (عليهم السلام) يُعتبر من المصادفات المحمودة والمباركة إن شاء الله؛ سائلين الله أن يوفّقنا جميعًا للإنتهال من بركات تلك الروح الطاهرة والسامية. فهذا المضجع الشريف يمثل أحد أهم مآثر بلدنا وممتلكاتها، وكلّما بذلنا جهدنا في تعظيم هذه المنزلة الرفيعة وتوجّهنا بقلوبنا نحوها، عاد ذلك بالنفع على مسائلنا المعنوية وعلى شؤون بلدنا. إذ يمكن على سبيل المثال أن يفكّر السيد آخوندي ]وزير الإسکان[ مثلًا في قضية الطرق المؤدية إلى مشهد والقطار السريع وما إلى ذلك، ويمارس عمله في هذا المجال، ليتمكّن الناس من الذهاب والإياب بوقت أقل، فإنّ هذه من المسائل التي بإمکانها أن تكون مبعث خير وبركة للحكومة.

تحيّة للشهيدين العزيزين..
هذا ونحيّي ذكرى الشهيدين العزيزين، الشهيد رجائي والشهيد باهنر. منذ سنوات ونحن نقيم أسبوع الحكومة، وقد جرت العادة على أن يشكّل هذا الأسبوع فرصة للمسؤولين الدؤوبين في الحكومات من أجل أن يرفعوا تقاريرهم بشأن نشاطاتهم ونجاحاتهم وقراراتهم لهذه السنة أو لعدة سنوات مقبلة، لتتم الإشادة بهم وتقديم الشكر لهم من قبل المسؤولين وأبناء الشعب على إنجازاتهم، وتذكيرهم أحيانًا ببعض الأمور، أو مطالبتهم مثلًا بمعالجة بعض النقائص؛ فلقد عُقد أسبوع الحكومة من أجل هذه الأمور، بيد أن النقطة الجديرة بالاهتمام هي أن أسبوع الحكومة ينزل بمنزلة العيد للحكومة، وهو يعني العودة السنوية لمناسبة معينة - والعيد يرد بهذا المعنى - تتيح فرصة للإدلاء بالآراء والأقوال وما شاكل ذلك.

رجائي وباهنر؛ سلوك معيار
والمناسبة التي عُقد هذا الأسبوع من أجلها، تُشكّل إحدى أشد الذكريات مرارة في البلد، وهي استشهاد شخصيّتين عزيزتين بارزتين كالشهيد باهنر والشهيد رجائي. واتفق في هذا العام اقتران هذه المناسبة بأسبوع الكرامة، غير أنّ هذا الأسبوع بطبيعة حاله يذكّرنا بمصيبة رحيل هذين الجليلين. وأعتقد بأنّ السبب الذي آلَ إلی أن تجري هذه الحكمة الإلهية على قلب ولسان المسؤولين، وأن ينعقد هذا الأمر، وأن تُعقد هذه المناسبة في هذه الفترة، هو أن لا تذهب ذكرى الشهيد رجائي والشهيد باهنر في غياهب النسيان، وأن يَمثُلا أمام أعيننا بصفتهما مؤشّرًا ومعيارًا. ولا يمكن القول بأنّ سبب كونهما مؤشرًا هو قوة إدارتهما أو قدراتهما وإمكانيّاتهما مثلًا، لأنّ مسؤولية هذين العزيزين لم تستغرق مدة طويلة، حيث كانت مسؤولية المرحوم باهنر قصيرة جدًا، وطالت مسؤولية المرحوم رجائي عدة أشهر أو زهاء سنة تقريبًا؛ وإنّما سبب ذلك [كونهما معيارًا] هو سماتهما وسجاياهما السلوكية والشخصية والأخلاقية، وهذا ما ينبغي استذكاره في أذهاننا على الدوام.

إيمانٌ وإخلاصٌ لنهج الإمام
إنّ الزمان يتغير، وتيار الثقافات والقيم المختلفة ونحوهما تأتي وتذهب، وهذه هي طبيعة الزمان، حيث يطرأ على الأذهان والأفكار التغيّر والتحوّل، بيد أنّ هناك أسسًا ثابتة يجب أخذها دومًا بعين الاعتبار. وبالنسبة لنا، نحن المسؤولين في نظام الجمهوريّة الإسلاميّة المقدس، يمكننا البحث عن هذه الأسس الثابتة ومشاهدتها في شخصيّة هذين العزيزين الجليلين. فلقد كانت تربطنا بهما، ولا سيّما بالمرحوم باهنر، علاقة أنس وودّ لسنوات طويلة، وكذلك الحال مع المرحوم رجائي، وتعود علاقتنا بهما إلى ما قبل انتصار الثورة وفترة تولّي المسؤوليّات وفي المجلس وخارجه، حيث كانا يتمتّعان حقًا بخصائص لا ينبغي علينا نسيانها. وباعتقادي فإنّ من المعالم الهامة جدًا هي إيمانهما بهذا النهج وبهذه الأهداف التي رسمها الإمام الخميني وتجلّت في الجمهورية الإسلامية، وكذلك إخلاصهما، وروح الخدمة المودعة فيهما حيث كانا لا يعرفان ليلًا ولا نهارًا لإسداء الخدمات وبذل الجهود.

روح شعبيّة ومعرفة الشعب
وكذا الروح الجماهيرية، والأنس بالناس، والاتصال بهم، والاستماع إلى أحاديثهم عن كثب، وفتح طرق للإرتباط بصميم حياة الناس، رغم أنّنا وبحكم مسؤوليتنا نعيش حالة من القيود والحدود. ولطالما ذكرتُ للسيد رئيس الجمهورية بأنّ زيارة المحافظات أمرٌ محمود جدًا، ومن الأعمال الإيجابية للغاية، ولطالما كنت أوصي الحكومات السابقة بذلك، وهذه هي إحدى الطرق، الذهاب إلی بيوت الناس وزيارة دور الشهداء - الأمر الذي شاع في الوقت الحاضر نوعًا ما والحمد لله، وهو عمل مطلوب - وهذه هي طرق للإرتباط بالناس، وهي مسائل بالغة الأهميّة، وأعمال تحافظ على الروح الشعبيّة والجماهيرية وتؤدي إلی معرفة الناس. وإذا ما فُقد ذلك، سيغفل المرء عن حال المجتمع، وسيقتصر نظره على الكلّيات، كالذي يمرّ فوق مدينة وهو في الطائرة، صحيح أنّه ينظر إلى المدينة بصورة كلية وعامة أفضل ممّن هو فيها، ولكن لا يعرف ما يجري في أزقة المدينة وشوارعها وداخل منازلها ودكاكينها، ومن هم الذين يتردّدون فيها؛ سوى من يسير في هذه الشوارع والأزقّة، بالمقدار المحدود والممكن طبعًا. [إذًا] الروح الشعبية تقع على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية.

لتحميل الكلمة كاملة اضغط PDF

أضيف بتاريخ: 09/09/2015