مقالات داخليّة

توظيف البنتاغون وCIA بيانات مواقع التواصل الاجتماعي

توظيف البنتاغون وCIA بيانات مواقع التواصل الاجتماعي


تعتمد مواقع التواصل الاجتماعي آليةً لاستثمـار وتوظيف عمليات جمع المعلومات والبيانات، التي يَصنعها مليار مُستخدِم عَبْر العالَم، وتزويد نسخٍ عنها لمجمع الاستخبارات الأميركية -الصهيونية، لتحليلها وتوظيفها في الأجندات السياسية والاقتصادية والإعلامية المرجوة، فقد كشف تقريرٌ نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن وكالة الأمن القومي الأميركية تقوم بتطوير تقنيات تسمح لها باستغلال تطبيقات الهواتف الذكية للوصول إلى معلومات خاصة بالمُستخدِمين[1].

 

ووفق الصحيفة فإن الوكالة تستطيع استغلال تطبيقات، مثل تطبيق لعبة "الطيور الغاضبة Angry Birds" الشهيرة للوصول إلى معلومات عن المُستخدم، مثل العمر والجنس والموقع الجُغرافي، كما أن تطبيقات أُخرى قد توفّر معلومات أكثر حساسية، حسب ما جاء في وثائق سرّ بها إدوارد سنودن، المُتعاقد السابق مع الوكالة.

 

ويُشكل الوصول إلى بيانات الهاتف والموقع الجُغرافي للمُستخدم، الأولوية القصوى لدى الوكالة، وذلك لجلب معلومات عن الإرهابيّين وأهداف استخباراتية أُخرى، حيث أنفقت ما يزيد عن مليار دولار لصالح برامج التجسس الخاصة باستهداف الهواتف الذكية.

 

ولتوضيح قُدرة برامج الوكالة، أشار التقرير إلى أنه وبمجرد قيام المُستخدم برفع صورة إلى وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام هاتفه الذكي، تستطيع الوكالة جمع معلومات مثل جهات الاتّصال في هاتف المُستخدم، وعناوين البريد الإلكتروني، وموقع المُستخدم. وتستفيد الوكالة من تطبيقات التواصل الاجتماعي للحصول على البيانات المُخزنة كافةً في حسابات المُستخدمين، مثل العمر والجنس والميول ومكان التواجد والمُستوى العلمي وغيرها.

 

وأشارت الوثائق إلى أنّ الوكالة تمتلك أدوات تسمح لها باختراق هواتف مُحددة، عبر طُرق عديدة تحمل إحداها اسم "Nosey Smurf". وتواجه وكالة الأمن القومي الأميركية ضغوطًا من جهات ومحاكم عديدة، تطلب منها التخلي عن برامج التجسس باهظة التكلفة التي تمتلكها، والتي ظهرت معلومات واسعة عنها مؤخرًا، تم الكشف عنها من قبل إدوارد سنودن، المُتعاقد السابق مع الوكالة.

 

وتستفيد وكالات المخابرات الأميركية والصهيونية من هذه البيانات في برامجها التجسسية والسياسية والإعلامية، وهي أفضل من حيث الناتج المعلوماتي من شبكات الاستخبارات التي تجنّد المصادر البشرية، لأنها تتمتع بعناصر السعة والشمولية والدقة.

 

وتقول المعلومات المُصرّح بها إن دراسة المعطيات وتحليلها المعلوماتي الذي يتم كل ستة أشهر بشكل منتظم من قبل "وارد لاب" في جامعة "دوك" الأميركية المختص بـ"التنبؤ بالنزاعات"، تمكّن من توقع اضطرابات الباراغواي بنسبة 97%، لكنه فشل في توقع ثورة أخرى. وإذا صدّقنا المعلومات المنشورة، فإنها تقول إن الاعتماد على المُخْبرين على الأرض لـوكالة CIA كانت مصداقيته لا تزيد عن 60%، أما المعطيات التي يتم تحليلها معلوماتيًّا وفق النهج الجديد للتنبؤ، فإن مصداقيتها حين طبقت على 29 دولة آسيوية وصلت إلى 80%.

 

يستدعي هذا الأمر النظر لسياسات الخارجية الأميركية بطريقة تختلف عن الأسلوب الساذج الذي كان يتّبعه محلِّلونا، وهم يمتلكون الهزيل من المعطيات والمناهج، مقارنة بمراكز متخصصة يعتمد عليها استراتيجيو الدول الكبرى. وهكذا نفهم أننا كعرب ومسلمين أشبه بعميان بين مُبْصِرين.

 

وحين يشتري مارك زوكربيرغ Mark Zuckerberg مدير شركة فيسبوك تطبيقات واتس أب whats app، وإنستغرام Instagram فهو يستزيد معرفةً بالمعنى الاستخباراتي الدولي، في ظل الحديث عن شراكة سرّية بين شركته الخاصة بالظاهر وبين فروع وزارة الدفاع الأميركية-البنتاغون، وهو ما يسمح لها بالتزود بالمعلومات، عدا آلاف العيون والآذان الإلكترونية التي تُمكِّنها من التخطيط والتشبيك والتعامل مع الوقائع السياسية الجارية، ومن وضع سياسات للمستقبل[2].

 

وبناءً عليه، يُمكن الافتراض أنّ هناك دراسات لبيانات الشباب والمُستخدِمين في لبنان، ومن ثم دراسة للدائرة الأصغر وهي الضاحية الجنوبية لبيروت، لبحث درجة تفاعل أو تناقض فئة الشباب والفتيان مع حزب الله مثلًا، وتوظيفها عن طريق التلاعب بالأخبار والمواد على هذه المواقع، بهدف إعداد خطط وبرامج وإجراءات ثقافية وسياسية وتنموية في إطار الحرب الناعمة، ومنها تمويل مشاريع ودعم برامج وإنشاء منظمات أهلية، تُسمّى منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير حكومية، بهدف توجيه قِيَم ومشاعر وسلوكيات هؤلاء الشباب والفتيان، بما يخدم الأهداف الأميركية. والفرضية السابقة لم تعد خيالا، بل تحدثت عنها المصادر الصهيونية بصورة رسمية وواضحة وفق ما سنبيّنه في الفقرات اللاحقة.


 من كتاب " شبكات التواصل الاجتماعي- منصات للحرب الامريكية الناعمة "
إعداد مركز الحرب الناعمة للدراسات 

[1] تحقيق تحت عنوان:"البيانات الشخصية في قبضة الـ CIA عبر "Angry bird، رابط المصدر http://www.kataeb.org/ar/page/technology/details/567

[2] مقالة تحت عنوان: "وماذا بعدُ يا زوكربيرغ؟"، نُشِرت بتاريخ 22/2/2014 في جريدة الشّرق الأوسط، الكاتبة سوسن الأبطح، أستاذة في الجامعة اللبنانيّة، رابط المصدر:

http://www.aawsat.com/home/article/42661

أضيف بتاريخ: 02/03/2016