مقالات داخليّة

من الذي باع أجندة الشيطان لـ «أم بي سي»؟

من الذي باع أجندة الشيطان لـ «أم بي سي»؟


لينا أبو بكر-كاتبة فلسطينية تقيم في لندن

في الكتاب المقدس للديانة اليهودية تلتقط عبارات لا تتوقعها في وصف الذات الإلهية كأن يبكي الخالق حتى تتورم عيناه، ويندم على خراب الهيكل، في إشارة لتزعزع الإرادة السماوية بالأحكام القدرية ـ وهو ما تجده مكرسا بقوة في أفلام هوليوود، التي عرضت «أم بي سي واحدا من أخطرها استعلاء على الأقدار، فهل نخاف من «أم بي سي» على السماء أم نرضخ للمسح العقلي، الذي تجريه هوليوود على كتبة المصير في ألواحها السينمائية المحفوظة؟ 
الغريب أن فيلم The Adjustment Bureau أو ما تمت ترجمته إلى «مكتب التسوية» عرض على شاشة كل العرب الإنكليزية «ماكس» هذا الأسبوع، وقد سبق وأن عرضته «أم بي سي 2 « العام الفائت، وما من شك أنها ستعيد عرضه في أيام لاحقة، مع العلم أن موضوعه يتضارب مع مقدساتنا الدينية، لأن محور الحرب التي يخوضها أبطاله ضد الإرادة الإلهية و كتاب الغيب الذي تحرسه جماعة من ذوي « القبعات « أو « عملاء المصير « الذين ينهزمون أمام إرادة البطل السينمائي، مما يجبر الرئيس «الخالق» على إعادة تحرير النص استجابة لإرادة الحب، الذي نجح بالتمرد على إرادة الغيب ومحو المشيئة العليا واستبدالها بالمشيئة الدنيا، وهذه ليست خدعا سينمائية إنما عقيدة ماسونية تجد لها صدى سبقها بقرون وتبدو جليا في العديد من الأعمال الفنية الكبرى والبورتريهات الخالدة، التي تصور الإله على هيئة شيطان شرير يواجه المخلص أو المنقذ، الذي يكمن في الذات البشرية.

المغاربة بين أحزمة العفة وأحزمة العار

«أندرسون كوبر» في فيلمه الوثائقي على «سي أن أن» عن الأجندة السرية لهوليوود في حربها على الخالق، يستعين بالمبشر الأمريكي «باستور جو»، الذي قضى أكثر من خمسة وعشرين عاما يبحث في بيانات هذه الأجندة ويفك شيفراتها، فمن أين نبدأ: من «هاري بوتر» أم «شيفرة دافنشي» أم «الزين اللي فيك»؟ 
على رأي المثل المغربي «اللي شلاغمو من الحلفة ما يسوط على النار»، لأن نخوة الشرف العربي لا تندلع نيرانها إلا تحت أحزمة العفة، التي تكبل رغباتنا بالحديد والأقفال الصدئة على طريقة محاربي «الفايكنغ» والقراصنة في العصور الوسطى، فهل تلوم متحف كوبنهاغن، الذي يلصق أحزمة العار بالعرب في زمن الخصور الداعشية الناسفة؟! 
المغاربة على حق حين يرفضون فكرة التسويق السينمائي لنمط لا أخلاقي يحصر المرأة المغربية بوظيفة مشينة لصورتها ودورها الإجتماعي تتمثل بـ «الدعارة السياحية»، وهو رفض يليق بالشهامة المتأصلة في عادات ويوميات هذا الشعب العريق أخلاقيا وإبداعيا، غير أن القصة السينمائية التي تسلط الضوء على حالة ما ليست شريطا توثيقيا ولا هي تدوينا شموليا لكل الشرائح على اختلاف أنماطها السلوكية، بالتالي ليست ميثاقا اجتماعيا بقدر ما هي حيلة إغرائية تقفز بكامل رشاقتها من فوق الأسلاك الشائكة في مجتمعاتنا بعد امتصاص الصدمة، كما حدث تماما في فيلم «حلاوة روح»، رغم الفارق اللاهب بين الجرعة الغوائية لفيلم «الزين اللي فيك» وفيلم هيفاء وهبي، لكن لعبة القيامة التي تقوم بعد كل عمل جريء لم تعد تثير زوبعة في فنجان، مهما بلغت شراستها، فهي ليست أكثر من استراتيجية تفريغ تستنفذ بها الرقابة الغضب الشعبي حتى تفرغه من مضمونه القيمي، لتحوله إلى مخدر يشل الأعصاب ويرخي الأوردة بعد أن يحصد الفيلم دعاية مجانية تصل به لمهرجانات عالمية، فمن الأولى بثورة الفنجان: الحيلة السينمائية أم أجندة الشيطان؟!

أجندة هوليوود السرية ضد الخالق

إنها آخر حروب البشرية على وجه الأرض، يقودها عملاء الشيطان لمحاربة السماء، كما حذر الباحث الأمريكي باستور جو، وهو يحلل الرسائل الملغومة لفيلم «هاري بوتر»، متسائلا: هل وصلت شخصية «بوتر» للكاتبة الروائية جاهزة من عالم خفي تتواصل معه عبر قوى غيبية أم هي مجرد خيالات إبداعية حققت أرباحا تفوق مخيلتها وقدرة العقل البنكي على استيعابها، وقد وصل حدها لثمانين نسخة كل ثانية حول العالم؟
بوتر الساحر، الذي يحرك الغيب عبر الأساطير والخرافات ومطارق الساحرات، يستحوذ على روح الأجيال بقدراته الخارقة مما يؤدي إلى صهر الوعي الفطري عند الطفل وتحفيز وعيه الاكتسابي عبر ثقافة الصورة السينمائية والإبهار الاستعراضي الذي يكرس للإيمان بالبصر لا البصيرة، ويهيئ المشاهد منذ المراحل العمرية المبكرة إلى الدخول في الحرب على الغيب ليستدرجه رويدا رويدا إلى عبادة الشيطان والبحث عن رقم الخلاص في «هرم اللوفر»، الذي تتخذ منه الماسونية شعارا وطنيا لهيكل سليمان، والأدهى من هذا كله أن الفيلم الوثائقي يعرض الرسائل السرية لصناع الفيلم، والتي تبشر بألوهية الفرد وتخليصه من أعباء التبعية لإله يتحكم بمصيره ويهدد بمسح عقله؟!

«شيفرة دافنشي» و «الأغنوستين»

حين تشعر كمشاهد عربي بالدونية أمام فيلم ضخم «كشيفرة دافنشي»، فهذا يعني أنك أخطر على نفسك من أعدائك، لأن تبني العقيدة الماسونية دون وعي والانشداه بخدعها البصرية في السينما ما هو إلا دخول في دينها لا يحتاج منك إلى اعتراف أو إنكار ولا أداء طقوسها ولا الحصول على مباركة من أتباعها، يكفي أن تنبهر بها وتروج لها، ثم ترضخ لأدواتها الأمنية التي ستحل عليك لعنتها قريبا، فالغرب يعمل على استبدال وثائق العبور والسفر بشرائح الكترونية يتم غرسها إجباريا في الجسم وتحوي رموزا وشيفرات مقتبسة من التعاليم الماسونية، التي تتعدى على الذات الإلهية، فهل أنت مستعد للدين الجديد؟
هذه المعلومات ليست من مواقع الإخوان المسلمين، ولا هي من مدونات المصابين بلعنة المؤامرة، إنما هي من أفلام وثائقية بثتها «سي أن أن»، ولم تجد من يروج لها في هذه الترسانة الفضائية العربية العمياء، وعكس ما تتوقعه فـ»أم بي سي» تتبرع بتعريفك على «عملاء المصير» أو من أسماهم «برنامج الأجندة السرية ضد الخالق ب «الأغنوستين»، معرجا على اللوحات العالمية التي استعانت بها هوليوود لتأويلاتها الماسونية في الأعمال السينمائية، والتي تظهر الخالق – جل وعلا – بهيئة شيطانية في الوقت ذاته الذي تستخدم فيه رقم الخلاص 666 في فيلم الشيفرة، كدلالة على الشيطان الرب الذي ذكر «الإصحاح الثالث عشر – رؤيا يوحنا اللاهوتي» عدده هذا وهو ذاته عدد الألواح الخشبية لهرم متحف اللوفر الزجاجي، فهل نحن عبدة الوشم أم سياح في دارة الشيطان؟

البارومينيا وثأر التفاحة

يبرهن الفيلم أن اللعب على «أسطورة التفاحة» في هوليوود يتخذ طابعا ثأريا، لأن نقمة حواء وآدم على طردهما من الجنة كانت كفيلة بإعلان الحرب على الإله، بالتالي فإن آخر معارك الثأر التي تحرر الإنسان من عقدة العودة إلى الفردوس تصيبه بهوس «البارومينيا» أي إشعال الحرائق، بعود كبريت سينمائي يشب في قشة الروح، التي تستسلم لحقائق ومعتقدات بنيت على أكاذيب هوليوودية… وهنا لا بد من طرح سؤال غير بريء: كيف يحق للعالم أن يتمرد على خالقه ويحاربه بذريعة الخلاص ولا يحق لـ» كين ليفنغستون» أن يُفقد هتلر عقله لأنه تجرد من صهيونيته»… صدق الكواكبي لما اعتبر الاستبداد بلا أخلاق، لأنك لن تتوقع ممن يحاربون الله أن يتنزهوا عن الخراب!

خالد النبوي والمجندة السينمائية

عداك عن استقطاب اسرائيل لأكثر نجوم هوليوود تأثيرا عبر الهدايا النفيسة والسيارات الفارهة والرحلات الاستجمامية الباذخة وعمليات التجميل المجانية، فإنها وبكل أريحية تبيع بضاعتها الماسونية إلى الفضائيات العربية التي تتهافت عليها بأشداق لاهثة لتلتهمها بفجع منقطع النظير، إلا أن الأخطر هو شراء فنانين عرب وضمهم إلى أعمال سينمائية ولو بأدوار كومبارسية أو غوائية برفقة ممثلات يروجن للصناعات الاسرائيلية في المستوطنات، كما هو حال عمرو واكد أمام سكارلت جوهانسون، الذي تفاخر بتقبيلها، متمنيا تكرار القبلة، ولم يفقه ذلك سوى سمير غانم، الذي أعلن في برنامج «مئة سؤال» مع شلهوب أنه يحسد واكد على فمه!
أما خالد النبوي في فيلم «اللعبة العادلة» فوقع في مطب أكثر خطورة، وقد مثل إلى جانب المجندة الإسرائيلية في جيش الإحتلال سابقا الممثلة «ليزار شارهي»، ورغم محاولات نفيه لمعرفته المسبقة عنها، لم ينجه جهله بل زاده الجهل إثما، يا ليته عرج على المثل المغربي ليستلهم حكمة الدراية من ضعف الحجة لأن «اللي ماعندو لا قلم ولا دواية ما معول على القراية»، ما دام للفن غايات أخرى في نفس يعقوب!

المصدر: موقع القدس العربي الالكتروني


أضيف بتاريخ: 06/06/2016