خطابات الإمام السيّد علي الخامنئي

الشباب والحرب الناعمة في فهم الامام الخامنئي(دام ظله)

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الشباب والحرب الناعمة في فهم الامام الخامنئي(دام ظله)
 
 
يبرز عنصر الشباب في موضوع الحرب الناعمة باعتباره ركنا اساسيا فيها على اساس ان الشاب وبما يمتلك من قدرات وامكانيات هو الاكثر قدرة على العمل واتخاذ القرار وبالتالي ايجاد التغيير. هذا من جهة روح الشباب التي تكون في الشخص وطبعا لا يمكن ان ننسى ان الشاب هو الاكثر عرضة للخطر ايضا باعتبار ان قواه العقلية والجسدية قد تسمح له بالجولان في العقائد والافكار والسلوكيات سواء كان منها الطيب او الخبيث. وبعبارة اخرى كما يكون المعول على الشباب في الاستنهاض والقيادة والتصحيح كذلك الشباب هم نقطة الضعف المحورية التي يمكن ان ينفذ منها الاعداء. من هنا نرى ان الامام الخامنئي (دام ظله) تحدث بشكل مفصل حول الشباب ودورهم في الحرب الناعمة وعلق الامل على جهودهم في عملية مواجهة الحرب الناعمة. وسنكتفي هنا بذكر بعض الافكار التي طرحها الامام الخامنئي(دام ظله)  حول الشباب والحرب الناعمة:
 
1- الشباب هم ضباط الحرب الناعمة: يشير الامام الخامنئي(دام ظله)  الى ان عنصر الشباب يمكن ان يلعب دور القيادة في مواجهة الحرب الناعمة. لان الضابط هو الذي يخطط عن وعي ومعرفة ويقود الآخرين الى ما فيه النجاة. يقول الامام مخاطباً الشباب: " أنتم الشباب الذين قلنا إنّكم الضبّاط في مواجهة الحرب الناعمة، ابحثوا بأنفسكم وشخّصوا دوركم؛ إمّا مواجهة النفاق الجديد، أو تعريف العدالة" .
 
2- الشباب هم محور النزاع الاساسي بين الجمهورية الاسلامية والاستكبار وهم الذين ينبغي لهم حمل مسؤولية المواجهة وقيادة جبهة محاربة الحرب الناعمة.
 
3- هوية ضباط الحرب الناعمة
 يشير الامام الخامنئي الى وجود هويتين للضباط اي الشباب فإما ان يكونوا على شاكلة اشخاص يتمتعون بالعزم والايمان والتضحية والمعرفة الصحية بالقيم والمعتقدات الاسلامية واما ان يكونوا في الدفة المقابلة اي الانغماس في اليأس والشهوة وما شابه ذلك . هنا تتحدد مسؤولية واهمية دور الشباب بناء على الروح والمعنويات والتربية التي حصل عليها. طبعا تحدث الامام الخامنئي(دام ظله)  بكلام طويل حول الشباب باعتبارهم ضباط للحرب الناعمة ودورهم في المواجهة والمسؤولية الملقاة على عاتقهم، يقول: "  والآن نصل إلى القضية الرئيسية التي تختلج في ذهني، وهي أن واحدة من ساحات النزاع والصراع بين الجمهورية الإسلامية وبين الاستكبار تحوم حول قضية الشباب. ففي الوقت الراهن ثمة حربٌ قائمةٌ بشأن مسألة الشباب بين الجمهورية الإسلامية وبين أمريكا وحلفائها والصهانية وهي حربٌ ناعمةٌ خفيةٌ شاملة. إنني قبل عدة أعوام خاطبتُ الشباب من طلاب الجامعات وقلتُ لهم: «إنكم ضباط الحربُ الناعمة»، وأنتم أيضاً كذلك تدخلون جميعاً في عداد ضباط الحرب الناعمة. فإن كان الشابُّ يتسم بالاندفاع والثقة بالذات وقوة التفكر والشجاعة، يكون ضابطاً في مواجهات الحرب الناعمة.. هذه هي ميزة الشاب.
فافترضوا الآن ضابطاً يتحلى بهوية مطلوبة للجمهوية الإسلامية، وضابطاً يتمتع بهوية مطلوبة لدى عدوّ الجمهورية الإسلامية، وقارنوا بينهما، وانظروا ما هو مؤدّى هذه المقارنة؟ علماً بأن كلامنا في الوقت الراهن يدور حول الحرب الناعمة التي هي أشدّ خطورة من الحرب الصلبة، رغم أنهم أحياناً ما يهدّدوننا بشنّ حربٍ صلبة وبالقصف والهجوم وما شاكل ذلك، فليخسأوا، وأنّى لهم ذلك، إذ لم تتهيّأ لهم أرضية هذا العمل، ولم يمتلكوا الجرأة على القيام بهذا الأمر، ولو فعلوا لأُلقِموا حجراً." 
 
4- خصائص ضباط الحرب الناعمة: يشير الامام الخامنئي (دام ظله)  وبصراحة الى الخصائص والمواصفات التي يجب توافرها في الضباط وذلك استكمالا للهوية الحقيقية للضابط في الحرب الناعمة فيقول : "...تارة يظهر هذا الضابط على هيئة إنسان عاقد العزم، بصيرٍ، متحفزٍ، عامرٍ بالأمل، دؤوب، مفكّر، شجاع، ومضحٍّ. فلو كان الضابط في مقرّه أو خندقه متسماً بهذه السمات، يمكن تقدير نتيجة هذه الحرب. ذلك أن الضابط شجاعٌ، رشيدٌ، مفكّر، مؤمن، يتسم بالأمل والعزيمة والاندفاع، وهذا نوعٌ من أنواع الضباط.
 
وبالإمكان افتراض نفس هذا الضابط بشاكلة وهوية أخرى. فلنفترض أنه إنسانٌ يائس، يعتقد بأن [الحرب] لا طائل من ورائها، و[يقول] بأن صمودكم لا جدوى منه، فهو مصابٌ باليأس والإحباط. أو أنه إنسانٌ خاضعٌ مستسلم، تثقلُ عليه المعارضة والمقاومة، ولو أنه يصمد قليلاً في بعض الأحيان، ستفرض الضغوط الكثيرة والبطش الشديد عليه التراجع، وهذه هي طبيعة حاله. أو أنه إنسان تنطلي عليه الـحِيَل، ويثق بابتسامة العدوّ، ويعتمد على خداعه، أو أنه أساساً لا يُدرك خديعة العدو. فإن الحرب ملأى بالحيلة والخديعة، وهذا هو حال الحروب برمتها: «الحربُ خدعة». فإن من أهم الأمور التي ينهض بها القائد المقتدر في الحروب العسكرية، هي أن يقوم بعمليات وتحركات لمخادعة العدو، فيخال العدو أنه يريد التقدّم من هذا المكان وتنصرف أنظاره إليه، ولكنه يهجم عليه من الخلف. وافترضوا أن يكون هذا الضابط، ضابطاً تنطلي عليه الخديعة، ولا يُدرك أساساً معنى تحايل العدو ولا يشخّصه. أو أن يكون إنساناً خاملاً يطلب اللجوء إلى الراحة والدِعة والنوم. أو أن يكون مُدمناً على المخدرات أو على تلبية الشهوات أو على بعض الألعاب الكمبيوترية التي راجت أخيراً - وسمعت أن البعض قد أدمن عليها - لا يفكّر ولا يكترث بمصيره ومصير من علّقوا آمالهم عليه. أو أن يكون هذا الضابط في خندقه منغمساً في إشباع غرائزه المادية والحيوانية، وغارقاً في بحر ملذاته. فبالإمكان تصوّر هذا الضابط على هذا الشكل وهذه الهيئة وهذه الشاكلة. ولكن ماذا ستكون نتيجة الحرب؟ هذا واضح. إذن يمكن تعريف هوية ضباط الحرب الناعمة على نمطين. وهذه هي واحدة من مواطن الاختلاف الشديدة فيما بيننا وبين أعدائنا.
 
فالعدوّ يريد للضابط في الحرب الناعمة، وهم الشباب، أن ينهج منهجاً، والجمهورية الإسلامية تريد له أن ينهج منهجاً آخر. والتأكيد في الجمهورية الإسلامية على التدين والعفة والورع والابتعاد عن الإفراط في النزوع إلى الغرائز، لا ينبغي أن يُحمَل على محمل التعصّب والدوغمائية على حدّ تعبيرهم والتحجّر وما إلى ذلك.. كلا، بل هو منهج تربوي، مستوحى ومستقى من تعريف الضابط والقائد في الحرب الناعمة" .

 

أضيف بتاريخ: 12/10/2017