مقالات عامة

نمشي إلى الإمام الحسين(ع)، نُصرةً..

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نمشي إلى الإمام الحسين(ع)، نُصرةً..

د. أحمد الشامي

 

نمشي إلى إمامنا الحسين(ع)، استجابةً لندائِه في طلب النُصرة، من أنصارٍ يؤمنون بأنَّه لم يخرج ثائرًا ليُقتل هو وعياله وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام، ولا طمعًا في سلطة أو إمرة، أو وبعضًا من متاع الحياة. وإنّما نأتيه نطلب الإصلاح كما طلب الإمام عليه السلام، في أحوال مجتمعٍ يحيله الطغاة إلى ساحة فساد، ونحن ندرك بأنَّ الفساد ما عاد حِكرًا على حاكمٍ يشرب الخمر، ويقتُل النفس المحترمة، ويستقوي على الناس بظلمٍ وقهر، بل أيضًا، الفساد الذي يدمِّر المجتمع من خلال تفتيته وتمزيقه والقضاء على أخلاقه وقيمه ودينه.

إنّنا نأتي إمامنا الحسين(ع)، لنحدِّد موقفنا الرافض والثائر على تلك الثقافات الهجينة التي يُراد لها أن تفتك بنا، في موقفٍ منّا يسرّ نبينا الأكرم محمد(ص) الذي غادر دنيانا وهو يتطلّع إلينا لنكون خير أمّة أُخرِجت للناس. كما يسرّ إمامنا علي ابن ابي طالب(ع) الذي لا يزال كثيرون يحارون في صرخته، فُزت ورب الكعبة.

نأتي إلى إمامنا الحسين(ع)، ونحن نجاهر بثقافتنا وقناعتنا، التي ما كانت لتصل إلينا لولا جهاده وتضحياته، بأنَّنا منذ وجِدنا على هذا الكوكب ذكورًا وإناثًا، كنّا - وسنبقى- نتكامل فيما بيننا بأدوارٍ لم نكتبها نحن، كما لم نقرأها من قبل، بل نفعل ذلك استجابةً لفطرتنا التي فطرنا الله عليها، طبيعتنا الأولى، والتي استطعنا بفضل نعمة العقل، أن نقلّل من مستوى جهلنا بقوانينها، وأدركنا بأنَّ التمايز بيننا كجنسين هو بعض من إكرام البارئ لنا، وهذا ما أعطى المعنى لوجود كل منّا، والقيمة العليا لهذه الثنائيَّة الأهمّ والأجمل في الحياة.

حاشى أن ندخل إلى حضرة إمامنا الحسين(ع) العزيز والمضحي بأعز ما عنده، وإلى أخيه وصحبهم الغيارى عليهم السلام، ونحن في قلوبنا ميلٌ لتلك الوسوسات الشيطانيَّة التي تجهد لإقناعنا بانتفاء ضرورة تكاملنا الإنساني، بخاصَّة بين الرجل والمرأة، وكأنَّ الحياة التي أولاها الله عنايته ما عادت أكثر من ساحة صراعٍ وتنافس على النديّة والاستقواء، حيث لا مكان فيها للودّ والرحمة.

حاشى أن تُنصت قلوبنا لتلك الوسوسات التي تقول بأن الاختلاف الجسدي بين المرأة والرجل لا علاقة له بتوزّع الأدوار بينهما في هذه الحياة، وكيف لنا نحن التواقين للحقيقة والحق أن ننصت لمقولات تُخالف ثوابت الدين والعلم بأنّ هذا الاختلاف الجسدي بيننا ليس عبثيًا، وليس من باب التنوّع في الشكل فقط، بل أنَّ وجود أحدنا إنّما يرتبط بوجود الآخر، وفيما تكاملنا البيولوجي حتمي لاستمرار الإنسان كنوع، فإن تكاملنا الروحي والنفسي ضروري لبناء الإنسان السوي الفاعل والمُنتج في الحياة.

هل من عاقل سوف يصدّق بأنَّ المرأة الزينبيَّة التي تشدّ الرحال إلى جانب الرجال نحو قبلة الأحرار، ستتساهل مع تلك الوسوسات التي تقول لها بأن الله الخالق هو من أسّس لتمييز الرجل عليها، حيث جعلها في رتبة دونيّة عن الرجل؟ وأنّ التشريعات التي فُرضت عليها ليست لصلاحها كإنسانة عزيزة وكريمة وإنّما لصلاح الرجل ومنفعته؟ ما كانت المرأة الزينبيَّة كذلك لولا بصيرتها، التي أدركت بأن هذه الأفكار التضليليَّة عن ذكوريَّة الدين إنّما استعانت بوقائع من التاريخ حول تشريعات وسلوكيَّات مورست ظلمًا باسم الدين، وأن الله والدين منها براء، وأنَّ عليها وعلى الرجل الحسيني فضح هذه الدسائس الشيطانيَّة، والسلام...

 

أضيف بتاريخ: 24/08/2023