بسم الله الرحمن الرحيم
معرفة الحرب الناعمة(الجزء الثاني)[1]
ترجمة الدكتور علي الحاج حسن
عرض أصحاب الرأي والباحثون في الإجابة عن ماهيّة الحرب الناعمة، إجاباتٍ متفاوتة. وبشكلٍ عام، لا يوجد لمفهوم الحرب الناعمة الذي استُخدم في مقابل مفهوم الحرب الصلبة، تعريفًا واحدًا مُشتركًا ومقبولًا من الجميع، فنجد إلى حدٍّ ما اختلافٌ في فهم الحرب الناعمة من قِبل مختلف الأفراد والتيَّارات والدول؛ وكما أشرنا في الجزء الأوَّل، تُعرّف الحرب الناعمة[2] في مقابل الحرب الصلبة. كما تشمل الحرب الناعمة كافّة الإجراءات والتدابير النفسيَّة والدعائيَّة والإعلاميَّة والثقافيَّة التي تستهدف مُجتمعًا وجماعةً ما، وتقوم بجرّ الخصم إلى حالة انفعالٍ أو هزيمة، دون اللجوء إلى الاشتباك العسكريّ أو استخدام العنف. وتسعى الحرب الناعمة إلى زعزعة أفكار وعقائد المجتمع المُستهدف كي تُضعف حلقاته الفكريَّة والثقافيَّة وإيجاد الاضطراب في النظام السياسيّ–الاجتماعيّ الحاكم، من خلال القصف الخبريّ والإعلاميّ والدعائيّ[3].
بناءً على ما وُصّف، تُغطّي الحرب الناعمة شريحةً واسعةـ بِدءً من إجراءات الحرب الإلكترونيَّة والأنشطة الإنترنتيَّة وحتى افتتاح وتشغيل القنوات التلفزيونيَّة والإذاعيَّة والمواقع الشبكيَّة في الفضاء الافتراضي وموارد أخرى. ومن التعاريف المقبولة إلى حدٍّ ما، التعريف التالي:
«الحرب الناعمة هي عبارة عن مجموعة من التحوّلات المؤدّية إلى تغيّراتٍ في الهويَّة الثقافيَّة والنماذج السلوكيَّة المقبولة من قِبل النظام السياسي»[4].
تتضمن الحرب الناعمة حرب "السلطة الكاملة والشاملة" ثلاث أبعادٍ:
كما تتحقّق من خلال استحالة النماذج السلوكيَّة في الميادين المذكورة واستبدالها بنماذج المهاجِم السلوكيَّة، دون أدنى شك، يحتاج كل بلدٍ إلى فهمٍ وتعريفٍ محليٍّ حول هذه الظاهرة بما يتناسب وظروفه الخاصة به. وقد أشار وأكدّ قائد الثورة الإسلاميَّة آية الله الإمام الخامنئي(دام ظلّه) -في العقدين الأخيرين- على أنّه من أهم استراتيجيات العدو ضد الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران هي استراتيجية الحرب الناعمة. وقام سماحته في هذا المجال وبهدف تعريف المجتمع والنُخب أكثر على الحرب الناعمة، بتبيينها وتعريفها بشكلٍ مُتقن؛ وسنشير إلى بعض بياناته في هذا الخصوص:
وقد اختار مكتب نشر آثار سماحة القائد من التعاريف المذكورة ضمن رسمٍ بياني لاستراتيجيّة الحرب الناعمة، تعريفًا للحرب الناعمة وهو "الحرب الناعمة، يعني الحرب بواسطة الأدوات الثقافيَّة". ونظرًا إلى التعاريف المذكورة، يمكن التعرّف من وجهة نظر سماحة القائد على الحرب الناعمة في عدة أبعادٍ، ويمكن الاستنتاج بشكلٍ مُختصر أنّ هذه الحرب ناعمة تتحقّق بفرض إرادة العدو وأهدافه من خلال استخدام الأساليب غير العنفيَّة، ويتّضح من هذه التعاريف أنّ:
منذ بداية السبعينيات (بحسب التقويم الهجري الشمسي)، كان لسماحة قائد الثورة آية الله العظمى الإمام الخامنئي(دام ظلّه) الكثير من الإيضاحات والإشارات فيما يخصّ ضرورة وأهميّة حرب العدو الثقافيَّة وحربه الناعمة ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، وقد أشار إلى الخطورة الكبيرة التي يشكّلها الاصطفاف الثقافيّ الهجومي للعدو ضدّ الثورة، ورأى في مجال أهميَّة الحرب الناعمة أنّ خطرها "يُعادل الحرب العسكريَّة"[12]. كما أكّد سماحته قائلًا: "اليوم أكثر أهداف العدو استعجالًا، هو احتلال المواقع الثقافيَّة في البلاد."[13]. ونشیر فیما يلي إلى بعض أهم بيانات سماحته فيما يرتبط بضرورة وأهميَّة الحرب الناعمة:
والحمد لله ربِّ العالمين
[1] مترجم عن مقال: شناخت جنگ نرم از ديدگاه رهبر معظم انقلاب اسلامى، د. محمد علي نائينى، مجلة پاسدارى فرهنگ انقلاب اسلامى، ربيع 1390 هـ.ش. [ربيع 2011م]، العدد 3.
[2] Soft war
[3] ماه بيشنايان، 1387 هـ.ش./2009م.
[4] نائينى، 1387 هـ.ش./2009م.
[5] لقاء مع ألوية عاشوراء- قوَّات التعبئة، 13/07/1992م.
[6] نداء القائد إلى حجاج بيت الله الحرام، 13/03/2000م.
[7] لقاء مع جمع غفير من التعبئة، 25/11/2009م.
[8] لقاء مع جمع غفير من التعبئة، 25/11/2009م.
[9] لقاء مع جمع غفير من التعبئة، 25/11/2009م.
[10] لقاء مع عوائل الشهداء في مُحافظة كردستان، 12/05/2009م.
[11] لقاء مع العمَّال والمثقّفين بمناسبة يوم العمّال ويوم المعلّم، 05/04/1993م.
[12] مكتب نشر آثار سماحة الإمام السيد علي الخامنئي(دام ظلّه)، 2010م.
[13] رسالة الإمام الخامنئي(دام ظلّه) إلى مؤتمر مجمّع الطلاب الإسلاميّين في مشهد، أيلول/2001م.
[14] لقاء مع أعضاء مجلس شورى الثورة الثقافية، 11/03/1991م.
[15] لقاء مع العمّال والمثقّفين بمناسبة عيد العمّال وعيد المعلم، 05/04/1993م.
[16] لقاء مع مسؤولي النظام، 15/10/2001م.
[17] لقاء مع جمعٍ من الشعراء، 06/10/2009م.
[18] لقاء مع أعضاء مجلس شورى الثورة الثقافية، 11/09/1991م.
[19] نداء القائد إلى حجاج بيت الله الحرام، 19/03/1999م.