مقالات عامة

الأخوة الإيمانيَّة: قلوبٌ لا غلّ فيها

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾

(النمل - 59)

 

الأخوة الإيمانيَّة: قلوبٌ لا غلّ فيها

الشيخ حيدر النبهان

 

لقد أنعم الله علينا إذ ألّف بين قلوبنا فأصبحنا بنعمته إخوانًا، وكذلك هو حالنا في الجنة إخوان متقابلون قد نُزع ما في صدورنا من غلّ، وبذلك ندعو﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا﴾[1] وكذلك نحيا.

نعم، قُررت الأخوة بين المؤمنين، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾[2]، فالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ عَيْنُه ودَلِيلُه لَا يَخُونُه ولَا يَظْلِمُه ولَا يَغُشُّه ولَا يَعِدُه عِدَةً فَيُخْلِفَه[3]، وهي أخوة قائمة على معيار الاختبار، و هو المُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي مَوَاقِيتِهَا والْبِرّ بِالإِخْوَانِ فِي الْعُسْرِ والْيُسْرِ وإلا فالعزوب أولى[4]، ولا بد فيها من الارشاد، فمن رأى أخاه على أمر يكرهه، فلم يرده عنه، وهو يقدر عليه، فقد خانه[5]. وهذا يستلزم الأسلوب المناسب بأن ينصحه سرًا وبصدق ومحبة، وعلى الطرف الآخر القبول. ويلزم فيها قضاء حاجة الأخ؛ فإنها أشرف أعمال المتقين[6]، وهذا يستدعي عون الله (عزّ وجلّ) للمؤمن؛ فإن اللَّه فِي عَوْنِ الْمُؤْمِنِ مَا كَانَ الْمُؤْمِنُ فِي عَوْنِ أَخِيه[7]. ويبقى الدعاء للأخوة في ظهر الغيب خصوصًا بعض الفئات كالمرابطين والأسرى والمرضى والمستضعفين، وحتى الأموات، الرابط الأمتن لهذه العلاقة، وبذلك نشترك مع من سبقنا، وقد دعا الإمام زين العابدين (عليه السلام) لمصدقي الرسل ومتبعيهم[8]، كما عرّفنا على حقوق الأخوة في رسالته الحقوقية فذكر لنا حق الأخ[9]، ووصف لنا أمير المؤمنين (عليه السلام) الأخ في كلام له عن أخ له، وحثنا عليها، قائلًا: فَعَلَيْكُمْ بِهذِهِ الْخَلاَئِقِ فَالْزَمُوهَا وَتَنَافَسُوا فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوهَا فَاعْلَمُوا أَنَّ أَخْذَ الْقلِيلِ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِ الْكَثِيرِ[10].

 

﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

(الصافات – 182)

 

 

 

 


[1] سورة الحشر، الآية 10.

[2] سورة الحجرات، الآية 10.

[3] الكافي، ج2، ص 166.

[4] الكافي، ج2، ص 672.

[5] الأمالي للصدوق، ص 343.

[6] بحار الأنوار، ج 71، ص 229.

[7] الكافي، ج2، ص 200.

[8] انظر الصحيفة السجادية، الصلاة على مصدقي الرسل.

[9] انظر رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع)، حق أخيك.

[10] انظر نهج البلاغة، الحكمة 286.

أضيف بتاريخ: 25/03/2024