مقالات داخليّة

عقيدتنا في النهج الحسيني

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾

(النمل - 59)

 

عقيدتنا في النهج الحسيني

الشيخ حيدر النبهان

 

يجسّد النهج الذي خطّه أبو عبدالله الحسين (ع) بدمائه الزاكية التوحيد، وميزته أنَّه توحيد العارفين، وهو النهج الجهاديّ الذي خصّ الله (عزّ وجلّ) به بعض أوليائه، والذي جعل فيه خير الدنيا والآخرة.

 

كربلاء الشهادة

إنَّ كربلاء لم تكن لمواجهة ظاهرة طبيعيَّة، ولا أسباب اقتصاديَّة، ولا لحلّ مسألة علميَّة، إنّما كانت لطلب الإصلاح[1] مقابل الفساد الأمويّ الشامل لمختلف الأبعاد التشريعيّة والحياتيَّة فضلًا عن السياسيَّة الذي بلغ حدّ أن صار مثل يزيد واليًا على الأمة الإسلاميَّة، فمسألة الخِلافة والشهادة التي جعلها الله (عزّ وجلّ) في أرضه، وعَهِد بها إلى صفوة خلقه تشكّل الأصل الذي يؤثّر على كل شؤون الحياة، فكانت كربلاء.

 

عقيدتنا في الإمام الحسين (ع)

هو الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) سبط النبي (ص)[2]، إمام معصوم[3] مفترض الطاعة[4] والمودة[5]، وهو خامس أصحاب الكساء[6]، وأنّه سيد الشهداء (ع)[7]، وأحد سيدي شباب أهل الجنة[8]، وأنّه مصباح هداية وسفينة نجاة بنصّ من رسول الله (ص)[9].

 

عقيدتنا في فعل الإمام الحسين (ع)

إن ما قام به الإمام الحسين (ع) من فعل تضحيّة وفداء كان بعين الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله (ص)، وأنّها معركة الحق والباطل؛ حيث برز الشرك كله للإيمان كله، وأنه بعلم الله (عزّ وجلّ) قبل أن يبرأه وأن رسول الله (ص) قد أخبر عمّا سيجري في كربلاء، وأنّه بكا (ص) على ما سيجري على سبطه الإمام الحسين (ع)[10]، وأن الإمام الحسين (ع) كان على بيّنة من أمر ما سيكون ويجري، وأنه قد نعى نفسه في أكثر من موضع[11].

 

عقيدتنا في أصحابه

أنصار دين الله صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لم يبيعوا الآخرة بالدنيا، آثروا إمامهم على أنفسهم، وجاهدوا في الله حق جهاده، وأنهم فازوا فوزًا عظيمًا[12].

 

عقيدتنا في المجالس

إنّها مجالس ذكر لها حرمتها وآدابها وآثارها وبركاتها، وأنها من شعائر الله وأن تعظيمها من تقوى القلوب[13]، وأن إقامتها استجابة لداعي الله الذي دعانا لما يحيينا[14]، وأنَّها مستحب يحفظ ألف واجب[15]، وأنّها بعين ولي الأمر (عج)، وأنّ الله يحبّها وأنّ الأئمة (ع) أقاموها وأمرونا بذلك[16]، وأنّ الملائكة تحفّها[17]، وأن رحمة الله تغشاها[18]، وتنزل عليها السكينة[19]،فهي الكهف الذي يأوينا، والمَعين الذي يروينا، والعين التي نستقي منها الحكمة والبصيرة.

 

عقيدتنا في المعزّين

إنّ المقيمين والمشاركين في عزاء الإمام الحسين (ع) وأصحابه وأهل بيته (ع) هم بحق أنصار أبي عبد الله (ع) ونهجه الجهادي، وأن الله يصلي على الباكين منهم[20]، وأنهم خير خلف لخير سلف إذا التزموا نهجه الجهادي في حياتهم العمليَّة من خلال إقامة الدين وطاعة الله (عزّ وجلّ) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم.

 

عقيدتنا في مسؤوليّتنا اتجاه النهج الحسيني

إنّ إقامة مجالس عزاء أبي عبد الله الحسين وأهل بيته وأصحابه (ع) وإحياء أمرهم هو من أجلنا ونحيا بها، نُحييها فتحيينا. وعلينا أن نُربي أنفسنا وأبناءنا ونتعلم دروسها ونُعلمها للأجيال، ونجسّدها في أعمالنا وعباداتنا، فنوحّد الله (عزّ وجلّ) في صلاتنا بالتربة الحسينيَّة والسبحة الحسينية[21] فتنهانا عن الفحشاء والمنكر[22]، ويكون كلّ يوم عاشوراء وكل نفس كربلاء نجاهدها ونعرفها، فنعرف الله حق معرفته من خلال نهج الإمام الحسين (ع) الجهادي نتولى أولياءه ونعادي أعداءه ونتبرى منهم ومن أعمالهم كما علمنا الإمام الخميني (قده) ونكون مؤمنين حسينيّين كما وصّانا السيد موسى الصدر في أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا، وعلى ذلك نحيا في دنيانا ونمهد لإمام زماننا (عج) ونبني آخرتنا.

 

الخاتمة

إن هذه المجالس وهذه الشعائر ومن يحييها لا تكون كما ذكرنا إلا إذا كنا مؤمنين حسينيين يعني أن نلتزم الحق ونحقّه بأن ننصر المظلوم وأن نخاصم الظالم، في كل زمان ومكان؛ فيكون "كل يوم عشوراء، وكل أرض كربلاء"، ومعركتنا التي يخوضها اليوم المجاهدون في فلسطين ومن يساندهم، هي معركة الحق والباطل التي لا خيار آخر لنا إلا أن نسلك فيها النهج الجهادي الذي ختامه إحدى الحسنيين إما النصر، وهي شهادة الأمة التي تقيمها على الناس من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر الإصلاح والتحلّي بالتقوى المُجتمعيّة، لا أن نُباد عن آخرنا؛ فلا يوم كيوم أبي عبد الله (ع)[23]، وإما القتل وهي شهادة الفرد، وفي كلاهما الفوز؛ فالوزن يومئذ الحق[24].

 

﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

(الصافات – 182)

 

 


[1] السيد محسن الأمين، لواعج الأشجان، ص 30.

[2] سورة آل عمران، الآية 61.

[3] سورة الأحزاب، الآية 33.

[4] الشيخ المفيد، الارشاد، ج2، ص 30.

[5] سورة الشورى، الآية 23.

[6] الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج1، ص 226.

[7] ابن قولويه، كامل الزيارات، ص 142.

[8] الحميري، قرب الاسناد، ص 111.

[9] الصدوق، عيون أخبار الرضا (ع)، ج1، ص 62.

[10] قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح، ص 68.

[11] انظر: الارشاد للمفيد، ج2، ص 93. واللهوف لابن طاووس، ص 38.

[12] الطوسي، مصباح المتهجد، 723.

[13] سورة الحج، الآية 32.

[14] سورة الأنفال، الآية 24.

[15]  آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري.

[16] الحميري، قرب الاسناد، ص 36.

[17] الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 311.

[18] الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 311.

[19] المصدر نفسه.

[20] تفسير الإمام العسكري (ع)، ص 369.

[21] الصدوق، من لايحضره الفقيه، ج1، ص 268.

[22] سورة العنكبوت، الآية 45.

[23] الصدوق، الأمالي، ص 177.

[24] سورة الأعراف، الآية 8.

أضيف بتاريخ: 15/07/2024