بسم الله الرحمن الرحيم
يتضمّن "العدد 20 من تقرير الرصد الثقافيّ" مجموعة من المقالات والأخبار الثقافيَّة، أو ذات البعد الثقافيّ، التي تمّ رصدها من المواقع الإلكترونيّة، ومراكز الدراسات العربيَّة والأجنبيَّة، ووسائل الإعلام الجديد. وقد جاء ما ورد في التقرير موجزًا، مسلّطًا الضوءَ على القضيّة البارزة في الدراسة، أو المقالة، أو الخبر، والتي تمثّل تحدّيًا، أو حتى فرصةً بالنسبة لمجتمع المقاومة وبيئتها، وذلك حرصًا منّا على حسن توظيف الوقت، وتوفيرًا للجهد، مع الالتفات إلى ذِكر المراجع بما يسمح بالعودة إلى الموضوع الذي يحظى بالاهتمام، والحاجة إلى التوسّع فيه.
كثيرةٌ هي المشاكل الزّوجيَّة والأسريَّة في مجتمعاتنا اليوم، حيث زادت نسبة الطّلاق، وتوسّعت ظاهرة التّفكّك الأسريّ، وسهُل الحديث عن الخيانات، وللأسف صار متداولًا وشائعًا في بيئتنا الاجتماعيّة. لم تكن وسائل التّواصل الاجتماعيّ إلّا وسيلةً امتطاها أحد الزّوجين ليخوض رحلة الابتعاد عن جو الأسرة، والحميميّة مع شريكه الآخر، إلّا أنّ تلك الوسائل التقنيَّة ليست السّبب الوحيد.
هي مسلسلات "الدّراما" المستحدثة – المسمّاة بالدّراما المختلطة- الّتي باتت تُبثّ عبر قنواتنا المحليَّة قبل الفضائيّات، وهي ليست سوى نسخةٍ عن مثيلاتها التّركيّة، والإسبانيّة، والإيطاليّة، والّتي تعلّقت قلوب المشاهدين بها؛ الصّغار قبل الكبار، والمراهقين قبل الرّاشدين. مسلسلات باللّغة العربيّة، لا مدبلجة، ولا مترجمة. إنّما هي بشخصيّات وبطولات عربيّة، سوريّة، ولبنانيّة، ومصريّة. خُصّص الشّهر الكريم لعرضها، ليتحوّل شهر رمضان إلى شهرٍ للمسلسلات، سحرت الأفئدة قبل العيون، واحتلّت الشّاشات في بيوتاتنا، وكان لتأثيرها الوقع الكبير. بحيث راحت الزّوجات تقارنن أزواجهنّ بأبطال المسلسلات، فوجدت نفسها تفتقد لتلك الرّومانسيّة المزيّفة الّتي تشاهدها في تلك المسلسلات.
لمَّا كانت الفضائيّات العربيّة لدبلجة إنتاجات الدّراما التّركيّة تتسابق لتحتلّ حيّزًا واسعًا من اهتمام الأسر العربيّة، وتفضّلها على الدّراما المحلّيّة، لعدّة أسباب من بينها السّعي إلى الهروب من الواقع الصّعب الّذي تعيشه الدّول العربيّة، وما له من تأثير على الحال النّفسيّة والاجتماعيّة، مقارنةً بما تعرضه المسلسلات التّركيّة الّتي تركّز على عوامل الإبهار، والإثارة بوصفها جماليَّة المكان، والأشخاص، والطّبيعة، والعلاقات الرّومانسيَّة، ذهبت الدّراما العربيّة إلى اختلاق نُسخ عن تلك المسلسلات لخطف نظر المشاهد العربيّ بصور تجمع مختلف الجنسيّات العربيّة لا سيّما اللّبنانيّة والسّوريّة وغيرها.
الخطير في هذه المسلسلات، اللّبنانيّة، والسّوريّة، والمصريّة، أو "المكس" الّتي دمجت مختلف الجنسيّات للممثلين والممثّلات، هو في كونها إنتاج "أجنبيّ" فالبعض منها يتمّ تمثيله في تركيا، وهو في الأصل نسخة عن مسلسلٍ تمّ تمثيله بالتّركيّة، وتمّ تصوير نسخةٍ عربيّةٍ عنه، بحيث يكتب "الجنريك" أسماء هؤلاء الممثلين بالتّركيّة. ولا يلبث أن يبدأ المسلسل حتّى تظهر معالم التّرف، والحياة المليئة بالصّخب، والرّفاهيّة مع كلّ معالم الفساد والفجور. فيما يعيش اللّبنانيّ في ظروف اقتصاديّة صعبة، تغيب حتّى الكهرباء عن الطّرقات العامّة، ولا تتوفّر في المنازل إلّا عن طريق المولدات.
تناقضاتٌ وبيئاتٌ بعيدةٌ كلّ البعد عن ثقافتنا، وحضارتنا الوطنيّة والإسلاميّة، تجتاح كلّ بيت لا يعي الأهل ماذا يشاهدون، وماذا يسمحون، ولأولادهم، وبناتهم أن يشاهدوا. بحيث تطول اللّوائح وأسماء تلك المسلسلات. كما أنّها إنتاجات صُمّمت لتحقيق أهداف دعائيَّة وسياسيَّة، بحيث تمّ توجيه بعضها لتوجيه تهمٍ مبطّنة للمقاومة وحزب الله تشمل الجريمة المنظّمة والمخدّرات. وإذا ما أردنا نرصد أبرزها في العام 2022 نأخذ نماذج: "صالون زهرة" بجزأيه الأوّل والثّاني، و"عشرين عشرين"، و"الهيبة" بأجزائه الخمسة، و"ستيلتو"، وغيرها من المسلسلات الّتي يجب التّنبّه والتّحذير منها، ومن خطرها المحدق على أسرتنا الضّيقة. أمّا عن المسلسلات في العام 2023، فقد اخترنا النّار بالنّار أنموذجًا.