بسم الله الرحمن الرحيم
السيد د. حسين قشاقش
سُنَّةُ زوالِ إسرائيلَ في الرؤيةِ القرآنيّة:
مقدّمة:
تُمثِّلُ قضيّةُ زوالِ إسرائيلَ واحدةً من القضايا المركزيّة في الخطاب الدينيّ والسياسيّ العربيّ والإسلاميّ، حيث تتجاوزُ البُعدَ السياسيّ إلى البُعدِ الاعتقاديّ المستندِ إلى نصوصٍ دينيّةٍ ورؤًى تاريخيّة. يستندُ هذا التصوّرُ إلى تفسيراتٍ لنصوصٍ قرآنيّةٍ وأحاديثَ نبويّة، وكذلك رواياتٍ منقولةٍ عن أهلِ البيتِ عليهم السلام. يحاولُ هذا المقالُ أن يُقدِّمَ تحليلًا شاملًا لهذه القضيّة من خلال التفسيرِ القرآنيّ والمنظورِ التاريخيّ كما ورد في سيرةِ أهلِ البيت، مع الإشارةِ إلى أنّ هذه الرؤيةَ تُعبِّرُ عن سُنّةٍ إلهيّةٍ لا تقبلُ التبديلَ أو التغيير.
أوّلًا: مفهومُ السُّننِ الإلهيّةِ وخصائصُها:
السُّننُ الإلهيّةُ مصطلحٌ قرآنيٌّ يُشيرُ إلى القوانينِ الكونيّةِ والنُّظمِ التي أقامَ اللهُ عليها هذا الكون، والتي تحكمُ مسيرةَ الحياةِ والإنسانِ والمجتمعات. وهذه السُّننُ ثابتةٌ لا تتغيّر، ومطّردةٌ لا تتبدّل، تتحكّمُ في مسارِ الأفرادِ والأُمم، وهي من أهمِّ أُسُسِ الرؤيةِ القرآنيّةِ للكونِ والحياةِ والتاريخ.
«وتتجلّى حكمةُ اللهِ سبحانه وتعالى في صياغةِ نظامِ الكونِ على مستوى القوانين، وعلى مستوى الروابطِ المطّردةِ والسُّننِ الثابتة، لأنّ صياغةَ الكونِ ضمنَ روابطَ مطّردةٍ وعلاقاتٍ ثابتة، هو الذي يجعلُ الإنسانَ يتعرّفُ إلى موضعِ قدميه، وإلى الوسائلِ التي يجبُ أن يسلكَها في سبيلِ تكييفِ بيئتِه وحياتِه، والوصولِ إلى إشباعِ حاجتِه»[1].
وقد ذكرَ الشهيدُ السيّدُ الصدرُ قدّسَ سرَّه خصائصَ ثلاثةً للسُّننِ التاريخيّة[2]:
ثانيًا: البُعدُ الاعتقاديُّ لقضيّةِ زوالِ إسرائيل:
لم تكن قضيّةُ زوالِ إسرائيل مجرّدَ مسألةٍ سياسيّةٍ عابرةٍ في التصوّرِ الإسلاميّ، بل هي جزءٌ من نسقٍ عقائديٍّ يستندُ إلى نصوصٍ دينيّةٍ وقرآنيّة. فمنذ بدايةِ الصراعِ الإسلاميّ الإسرائيليّ، وبالخصوص بعد انتصارِ الثورةِ الإسلاميّةِ في إيران، ازدادت القناعةُ في تأكيدِ حتميّةِ زوالِ هذا الكيان، ممّا أضفى على الصراع بُعدًا دينيًّا يتجاوزُ الأمرَ السياسيَّ والوطنيَّ.
فالصراعاتُ عادةً تحملُ احتمالاتٍ مختلفة، منها استمرارُ الصراع دون حسم، ومنها حسمُ الصراع لأحدِ الطرفين، إلّا أنّ المعركةَ مع الكيانِ الغاصبِ في فلسطين يحملُ في الرؤيةِ الإسلاميّة حتميّةَ زوالِ الكيان، وهو ما يستلزمُ طبعًا ضرورةَ السعي وبذلِ الجهدِ وتحضيرِ الإمكانات في سبيلِ الوصولِ إلى تلك النتيجة.
فقد حدّثنا القرآنُ الكريمُ عن حادثةٍ وقعت زمنَ رسولِ الله (ص)، حين تآمرَ عليه المشركون بكافّةِ الوسائلِ المعلنةِ والخفيّة، بهدفِ إخراجِه وإبعادِه عن مكّة، كما جاء في قوله تعالى ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا *سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تجَِدُ لِسُنَّتِنَا تحَْوِيلا﴾ (الإسراء 76-77)، إلّا أنّ إرادةَ الله حسمت أنّ عقابَهم على ذلك الفعل الذي وصل حدَّ محاولةِ الاغتيال، ممّا اضطرّ النبيّ (ص) إلى الهجرةِ من مكّة، سيكونُ إخراجَهم من تلك الأرض في وقتٍ غيرِ بعيد، وقد ذكرت الآيةُ التاليةُ أنّ هذا المصير ليس حكمًا في حادثة، بل هو سُنّةٌ إلهيّةٌ جرت في الرسل من قبلك، وسُننُ الله لا تتغيّر[3].
وعليه، فإنّ هذه السُّنّةَ ستتكرّرُ بتكرّرِ أسبابها، فكلُّ ظالمٍ يحتلُّ أرضًا ويُخرجُ الرسلَ وأتباعَهم من ديارهم ظلمًا وعدوانًا وطغيانًا، فإنّه لن يستقرَّ في تلك الأرض، وسيخرجُ منها حتمًا.
أيضًا في آياتٍ أُخر يقول الله تعالى ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فىِ مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيهِْمْ رَبهُُّمْ لَنهُْلِكَنَّ الظَّلِمِينَ* وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَالِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ* وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيد﴾ (ابراهیم 13-14).
فالآيةُ تتحدّث عن تهديدِ الكافرين للمؤمنين ورسلِ الله تعالى بأنّهم سوف يطردونهم من أرضهم وديارهم في حال لم يخضعوا لهم ولاعتقاداتهم، «عندما يعلم الظالمون بضعفِ منطقهم وعقيدتهم، يتركون الاستدلال، ويلجأون إلى القوّةِ والعنف، ونقرأ هنا أنّ الأقوامَ الكافرةَ العنيدةَ عندما سمعوا منطقَ الأنبياء المتينَ والواضح قالوا لرسلهم: لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا، وكأنّ هؤلاء القوم يعتبرون جميعَ ما في الأرض ملكهم، حتّى إنّهم لم يمنحوا لرسلهم حقوقَ المواطنة، ولذلك يقولون «أرضِنا». وفي الحقيقة فإنّ اللّه سبحانه وتعالى خلق الأرض وكلّ مواهبها للصالحين، وهؤلاء الجبابرة في الواقع ليس لهم أيُّ حقٍّ فيها»[4].
«فأوحى ربُّ الرسل إليهم – وقد أخذت صفةُ الربوبيّةِ الخاصّةِ بهم لمكانِ توكّلهم الجالبِ للرحمةِ والعناية – وأقسمَ لنهلكنَّ هؤلاء المهدِّدين لكم بظلمهم، ولنسكننَّكم هذه الأرض التي هدّدوكم بالإخراج منها، ونورثكم إيّاها لصفةِ مخافتكم منّي ومن وعيدي، وكذلك نفعل فنورث الأرض عبادَنا المتّقين. والضميرُ في «وَاسْتَفْتَحُوا» للرسل، أي طلبوا النصرَ من الله لما انقطعت بهم الأسباب من كلِّ جانب، وبلغ بهم ظلمُ الظالمين وتكذيبُ المعاندين… وكانت الخيبةُ للجبارين، وهو عذابُ الاستئصال».[5]
حيث يحدّثنا القرآنُ الكريمُ عن سُنّةِ بقاءِ الحقّ وهلاكِ الباطل، إذ يقول تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كاَنَ زَهُوقًا﴾ (الإسراء: 81). فالزُّهوقُ هو الهلاكُ والاندثار.
«وهذا أصلٌ تامّ، وأساسٌ آخر، وسُنّةٌ إلهيّةٌ خالدةٌ تزرعُ الأملَ في قلوبِ أنصارِ الحقّ، هذا الأصل هو أنّ عاقبةَ الحقّ الانتصار، وعاقبةَ الباطلِ الاندحار، وأنّ للباطلِ صولةً وبرقًا ورعدًا، وله كرٌّ وفرٌّ، إلّا أنّ عمرَه قصير، وفي النهاية يكون مآله السقوطَ والزوال. يقول القرآن: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ (الرعد: 17).
والدليلُ على هذا الموضوع كامنٌ في باطنِ كلمةِ الباطل، حيث إنّه لا يتّفق مع القوانين العامّة للوجود، وليس له رصيدٌ من الواقعيّة والحقيقة، فالباطلُ شيءٌ مصنوعٌ ومزوّر، ليست له جذور، أجوف، والأشياءُ التي لها صفاتٌ كهذه – عادةً – لا يمكنُها البقاءُ طويلًا. أمّا الحقّ فله أبعادٌ وجذورٌ متناسقةٌ مع قوانينِ الخلقِ والوجود، ومثلُه ينبغي أن يبقى»[6].
ج. حتميّةُ زوالِ إسرائيلَ في سورةِ الإسراء:
تركّزُ سورةُ الإسراء على واحدةٍ من أكثرِ الآياتِ أهميّةً في ما يتعلّقُ بمصيرِ إسرائيل، واللافتُ فيها هو سردُ مسارٍ محدّدٍ لكيانِ بني إسرائيل، وتفصيلُ ذلك في مراحلِ قوّتهم وضعفهم وصولًا إلى زوالهم.
فقد جاء في الكتابِ العزيز ﴿وَقَضَيْنَا إِلىَ بَنىِ إِسْرَءِيلَ فىِ الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فىِ الْأَرْضِ مَرَّتَين وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَئهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلىِ بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلَلَ الدِّيَارِ وَكاَنَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيهِْمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثرََ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكمُ وَإِنْ أَسَأْتمُ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الاَْخِرَةِ لِيَسُُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبرُِّواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7) عَسىَ رَبُّكم أَن يَرْحَمَكم وَإِنْ عُدتم عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)﴾ (الإسراء: 4-8).
ومعنى قَضَيْنَا هنا أي قضاءٌ بالإعلام والفصل في الحكم، أي أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيًا جزمًا[7]، والكلامُ موجَّهٌ إلى بني إسرائيل بالخصوص، وليس إلى جميع اليهود، إذ إنّ بني إسرائيل، وهم أبناء يعقوب، هم الرمزُ والمحورُ القويّ، والأساسُ، والحسّاسُ فيهم، وهم الأبعدُ أثرًا في تحريكِ عامّةِ اليهود. ولعلّهم أكثرُ خبرةً بحقيقةِ الدعوةِ اليهوديّة، وهم الأقوى نفوذًا فيهم، والمخطّطون الحقيقيّون، وأصحابُ القرار في كلّ ما يمارسه اليهود، بما هم عليه من بغيٍ وظلمٍ وضلالٍ وتزويرِ الحقائق، ومكرٍ وخداع، وجحودٍ واستكبار، وعتوٍّ وعلوٍّ...[8]
والكتابُ هو التوراة، وقد ذكر العلّامةُ المحقّقُ السيّدُ جعفرُ مرتضى أنّ في هذه الآياتِ القصيرةِ والقليلةِ مسألةً لافتة، وهي كثرةُ التأكيداتِ بأوجهٍ مختلفة، بما يتعدّى سبعين تأكيدًا، فصّل منها رحمه الله خمسين موردًا.[9]
وعليه، تكونُ هذه الآياتُ حاملةً في طيّاتها حتمًا وقطعًا وتأكيدًا ينفي احتمالاتِ التخلّف أو التبدّل، ليشكّل بذاته سُنّةً إلهيّةً وقرآنيّةً في حادثةٍ خارجيّةٍ أنبأ عنها القرآنُ غيبيًّا قبل حصولها.
والمقصودُ بالإفساد هو مختلفُ أنواعِ الفساد التي تصلُ إليها أيديهم، فهم يُفسدون أمنَ الناس، وأخلاقَهم، ودينَهم، وعلومَهم، ومعارفَهم، وعقولَهم، وسياساتِهم، ومدارسَهم، وأبناءَهم، وزراعتَهم… وكلَّ شيءٍ يقدرون عليه. وطبيعيٌّ أنّ الفسادَ إذا حلَّ في موردٍ، فإنّ العدوى به تمتدُّ إلى غيره ممّا له صلةٌ بذلك المورد.[10]
أمّا المقصودُ من الأرض، فيحتمل أن تكون خصوصَ أرضِ فلسطين، باعتبار أنّ اللام عهديّةٌ تعني الأرضَ التي يقيمون عليها أو أقاموا عليها سابقًا، كما يحتمل أن تشملَ كلَّ الأرض، وذلك ليس بعزيز، إذ ليس المقصودُ من الإفساد تخريبَ كلّ تفصيل، بل يكفي لتحقّق الإفساد القيامُ بدسِّ الدسائس، وتجنيدِ المرتزقة، والاستفادةِ من جماعاتٍ صغيرةٍ متناثرةٍ ترفع شعاراتٍ برّاقة، وتمارسُ في الخفاء إفسادَ المجتمعات بالمخدّرات، وإشاعةَ الفاحشة، وتخريبَ القيم والمفاهيم في أذهان الناس، وإفسادَ الأخلاق بالمغريات والمفاسد والشهوات، وإساءةَ الظنّ بالمخلصين، وتمزيقَ البلاد والعباد بالعداوات والحروب، والعصبيّات، والتناحر، والتدابر، وتمكينَ الأشرار من التحكّم برقاب الأخيار.[11]
أمّا العلوّ، فهو غيرُ الفساد، وهو في نفسه رذيلةٌ ممقوتةٌ ومرفوضة، لأنّ المرادَ به هو أن يضعَ الإنسانُ نفسه في موقعِ القاهرِ والمهيمن، الذي يُلغي إراداتِ الآخرين، وينفردُ هو بالتصرف حتّى في أموالهم، وأعراضهم، وفي أنفسهم… من دون ضابطةٍ أو قانون، سوى الانسياق مع شهواته ورغباته… كما هو حالُ فرعون ومن هم على شاكلته.
وقد كانت ثمرةُ علوِّ فرعون قتلَ الناس، وصلبَهم، واستعبادَهم، وجعلَهم شيعًا، واستضعافَهم، وادّعاءَ الربوبيّة لهم، وما إلى ذلك من كوارث أنزلها بهم ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِۦ نِسَآءَهُمْ﴾ (القصص: 4)، كما أنّ علوَّ إبليس انتهى به إلى الطرد من رحمة الله، واتّخذ لنفسه صفةَ الإبليسيّة والشيطنة إلى يوم القيامة.
إذاً، مفادُ الآيةِ الكريمة حصولُ فسادين في الأرض وعلوٍّ واحدٍ كبير، ثمّ زوالُهم وهلاكُهم.
ثمّ تحدّثنا الآيةُ التالية عن وعدِ الله إثرَ الفساد الأوّل، حيث يبعثُ عبادًا له وصفهم بأنّهم أُولي بأسٍ شديد، أي أصحابُ شجاعةٍ وقوّة، وقد عبّرت الآيةُ بقوله تعالى: بعثنا عليكم، وهذا التعدّي بـ«على» يُفهم منه الغلبةُ والتفوّق لهؤلاء العباد. وأمّا تعبيره عبادًا لنا بصيغةِ تنوينِ التنكير، فله عدّةُ فوائد، مثل[12]:
كما أنّ هذا التعبير يشيرُ إلى أنّهم قومٌ مؤمنون، حيث لم نجد في القرآن موردًا ينسب فيه اللهُ العبادَ إلى نفسه (عبادي، عبادنا، عبدنا) إلّا حين يكونون مؤمنين، فيكون ذلك في مقام المدح لهم وإظهار الاهتمام بهم. وأمّا هنا فقال عبادًا لنا ليفيدَ معنى الاختصاص، وليزيدَهم بهذه النسبة تشريفًا وتكريمًا، فاللامُ هي لامُ الاختصاص، التي تعني أنّ عبوديّتهم متمحّضة، وليس فيها أيّةُ شائبةٍ من شوائب العبوديّة للأنا، أو للمال، أو للشهوات، أو للزعماء، أو للمقامات، أو للجاه، أو للدنيا… بل هم متحرّرون من ذلك كلّه بصورةٍ حقيقيّة.
وقد ورد في الروايات تأويلُ هذه الآية بالقول:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جَالِسًا، إِذْ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِبادًا لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾، فَقُلْنَا: جُعِلْنَا فِدَاكَ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: هُمْ وَاللَّهِ أَهْلُ قُمّ.[13]
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَام: ﴿عِبادًا لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ﴾، قَوْمٌ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ، فَلَا يَدَعُونَ وَتْرًا لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِلَّا قَتَلُوه.[14]
وأمّا الجوسُ فمعناه التّجسّسُ وطلبُ تفحّصِ الأمر، وقد اقتصرَ الحديثُ في المرّةِ الأولى على مجرّدِ الجوسِ خلالَ الديار. وهذا يعني أنّ هيمنةَ المؤمنين سوف تقتصرُ على هذا المقدار، أي إنّها هيمنةُ الرعب، والتلويحُ للعدوِّ بالقدرةِ على الوصولِ إلى أيِّ فرد، وعلى الضربِ في أيِّ موقعٍ وفي أيِّ زمان، وإفهامُ بني إسرائيل بانكشافِهم التامّ أمامَ القدرةِ الاستخباريّةِ لعبادِ الله، وهذا يُنتجُ استلابَ الشعورِ بالأمنِ لديهم، دون أن يصلَ الأمرُ إلى حدِّ الاجتياحِ المباشر، وإسقاطِ الحكم وتقويضِه نهائيًّا.[15]
وهناك رأيٌ آخر يرى أنّ جاسوا بمعنى طافوا وسطَ الديار (ودخلوا المسجدَ بملاحظةِ الآياتِ التي تأتي)، يتردّدون وينظرون هل بقي منهم أحدٌ لم يقتلوه[16].
وحين يستكملُ بنو إسرائيل الإعدادَ والاستعداد، يُبادرون إلى شنِّ الهجوم الذي سوف يكون دافعُهم إليه هو إعادةُ الاعتبار بعد الذلّ الذي نالهم نتيجةَ البعثِ الأوّل للعباد، الذي تُوِّج بالجوس خلال الديار. أمّا ردُّ الكرّة فلا يعني سوى أنّ الفريقَ المهزوم قد تمكّن من تجميع قواه، وعاد إلى اتّخاذ صفة الهجوم، الأمر الذي يشيرُ إلى أنّ أمرًا ما قد تغيّر، إمّا في موازين القوّة الماديّة، أو في الخطط الحربيّة، أو في التحالفات والاصطفافات، وقد جرّأ هذا العدوّ ـ المتمثّل ببني إسرائيل هنا ـ للوقوف على قدميه، والعودة إلى ساحة القتال. فتُسمّى هذه العودة «كرّة بعد فرّة»، فإنّ الكرّ إنّما يكون بعد الفرّ. وهو ما سيمنحهم نوعًا من الثقة بالنفس بسبب ما يحصلون عليه من قدراتٍ ماديّة، وأموالٍ هائلة، وكثرةِ أبناء، وجيوشٍ جرّارة، إلّا أنّ ذلك لا يحقّق لهم نصرًا حاسمًا على عباد الله، ولا كسرًا لشوكتهم، بل هو لا يعدو كونه مجرّد عودةٍ إلى المواجهة، واستعراضَ قوّةٍ يمنحهم شعورًا بالأمان، ويُجرّئهم على معاودة الإفساد من جديد، فتفاجئهم الضربةُ الثانية.
ثمّ تكون لهم فرصةٌ سانحةٌ تتجلّى فيها حقيقتهم، وتتبلور أكثر، فكلّ ما تمنّوه وطلبوه حصلوا عليه، وأُزيحت عللُهم، وبطلت تعلّلاتهم، فالقرار الذي يتّخذونه بعد حصولهم على هذه الكثرات الثلاث ليس قرارَ المحروم والعاجز، بل قرارَ المتخم بالإمكانات والقدرات، الذي يكون قراره نابعًا من داخل ذاته، لا تمليه عليه حاجة، ولا يقوده إليه ضعف.[17]
بعد ذلك تأتي الضربةُ الثانية لعباد الله، وتكون نتيجتُها غلبةَ المؤمنين: «لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ»، أي غزاكم أعداؤكم وغلبوكم، ودخلوا دياركم ليسوؤكم بالقتل والأسر.[18]
وأمّا دخولُ المسجد، فيرى الشيخُ الطبرسي أنّه بيتُ المقدس ونواحيه، فكنّي بالمسجد ـ وهو المسجد الأقصى ـ عن البلد، كما كُنّي بالمسجد الحرام عن الحرم، ومعناه: وليستولوا على البلد، لأنّه لا يمكنهم دخولُ المسجد إلّا بعد الاستيلاء عليه. «كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ» دلّ بهذا على أنّه في المرّة الأولى قد دخلوا المسجد أيضًا وإن لم يُذكر ذلك، ومعناه: وليدخل هؤلاء المسجد كما دخله أولئك أوّل مرّة[19].
«وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا» أي وليدمّروا ويُهلكوا ما غلبوا عليه من بلادكم تدميرًا.[20]
ولكن هل حصل هذا الفسادُ وهذا العلوّ سابقًا؟
يُستفاد من تاريخ بني إسرائيل أنّ أوّل من هجم على بيت المقدس وخرّبه هو ملك بابل «نبوخذ نصر»، حيث بقي الخرابُ ضاربًا فيه لسبعين عامًا، إلى أن نهض اليهود بعد ذلك لإعماره وبنائه. أمّا الهجوم الثاني الذي تعرّض له، فقد كان من قبل قيصر الروم «أسييانوس»، الذي أمر وزيره «طرطوز» بتخريب بيت المقدس وقتل بني إسرائيل، وقد تمّ ذلك في حدود مائة سنة قبل الميلاد.
وبذلك يُحتمل أن تكون الحادثتان اللتان أشارت إليهما الآيات أعلاه هما نفس حادثتي «نبوخذ نصر» و«أسييانوس»، لأنّ الأحداث الأخرى في تاريخ بني إسرائيل لم تُفنِ جمعهم، ولم تذهب بملكهم واستقلالهم بالمرّة. ولكن نازلة «نبوخذ نصر» ذهبت بجمعهم وسؤددهم إلى زمن «كورش»، حيث اجتمع شملهم مجدّدًا، وحرّرهم من أسر بابل، وأعادهم إلى بلادهم، وأعانهم في تعمير بيت المقدس، إلى أن غلبتهم الروم وظهرت عليهم، وذهبت قوّتهم وشوكتهم.[21]
وهناك تأويلاتٌ تاريخيّةٌ أخرى للإفسادين والعلوّ الكبير، إلّا أنّ ذلك كلّه لا يتناسب إنصافًا مع قوله تعالى ﴿عِبَادًا لَّنَا﴾، وما ذكرناه من اختصاصها بالنخبة المؤمنة، وهذا ما لم يحصل في التاريخ بعد، بل يُتوقّع حصوله إن شاء الله.
وعليه، تكون النتيجةُ من هذه الآيات الكريمة من سورة الإسراء أنّ هلاك بني إسرائيل وزوال ملكهم على أيدي الفئة المؤمنة هو أمرٌ حتميّ، لم يحصل بعد تاريخيًّا، بل هو متوقّع الحصول مستقبلًا إن شاء الله.
د. زوالُ الكيانِ الصهيونيّ في كلماتِ الإمامِ الخامنئيّ:
تُعتبَرُ قضيّةُ زوالِ إسرائيلَ من الوجود واحدةً من الأدبيّات التي قامت عليها الثورةُ الإسلاميّةُ في إيران، وهي شعارٌ له جذورٌ ثقافيّةٌ تعتمدُ عليها. ويوضّحُ الإمامُ الخامنئيّ المقصودَ من شعارِ إزالةِ إسرائيلَ من الوجود بقوله:
«لقد ذُكر تدميرُ دولةِ إسرائيلَ مرارًا في تصريحاتِ الإمامِ الراحل (رضي الله عنه) وتصريحاتِ مسؤولي الجمهوريّةِ الإسلاميّة؛ لكنّ الأعداء يُسيئون فهمَ هذا؛ فتدميرُ دولةِ إسرائيلَ لا يعني تدميرَ الشعبِ اليهوديّ ـ لا علاقةَ لنا بهم ـ بل يعني تدميرَ تلك الحكومة، تدميرَ ذلك النظامِ المفروض. “تدميرُ إسرائيل” يعني أن ينتخبَ الشعبُ الفلسطينيّ، المالكُ الحقيقيُّ لتلك الأرض ـ سواءً كان مسلمًا أو مسيحيًّا أو يهوديًّا ـ المالكُ الحقيقيُّ لدولتِه؛ وأن يتخلّصَ من الأجانبِ والبلطجيّةِ والأوغاد أمثالِ نتنياهو وغيرِه، وهم بلطجيّةٌ حقيقيّون، ويطردوهم من بينِ ظهرانيهم، ويحكموا البلادَ بأنفسهم؛ تدميرُ إسرائيلَ يعني هذا، وهذا ما سيحدثُ إن شاء الله»[22]
يعتمدُ الإمامُ الخامنئيّ في اعتقادِه حول حتميّةِ زوالِ الكيانِ الغاصب على عدّةِ مؤشّراتٍ وسُننٍ منها:
إنّ هذا الكيانَ هو جسمٌ طارئٌ على المنطقة، وهو غدّةٌ خبيثةٌ تُعتبَرُ مصداقًا للشجرةِ الخبيثةِ التي وردت في القرآنِ الكريم ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍۢ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍۢ﴾ (إبراهيم: 26).
فالكيانُ الصهيونيّ شجرةٌ خبيثةٌ ليس لها جذورٌ أو عمقٌ في بيئتِها المحيطة، وليس لها آثارٌ سوى الأذى والضرر، وليس لها من ثبات، فإنّ الريحَ تنسفُها وتذهبُ بها، ولا ينتفعُ بها أحد. هو كيانٌ بلا جذور، ومزيَّفٌ ومتزعزع، وقد أبقى نفسَه قائمًا بصعوبةٍ عبرَ ضخِّ أمريكا الدعمَ له، ولن يُكتبَ له البقاءُ بإذنِ الله تعالى.[23]
فالأُممُ التي لديها فكرةٌ وهويّةٌ ودافع، تتوكّلُ على الله، تصمد، وسينصرُها الله تعالى، ﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوَلَّوُاْ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يجَِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتىِ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تجَِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا﴾ (الفتح: 22-23).
هذه سُنّةُ الله، إذا صمدَ المسلمون، سينتصرون على جميع أدواتِ القوى الظالمةِ والمستكبرة[24]
إذ لا شكَّ لدينا في أنّ «وعدَ اللهِ حقّ»، الوعدَ الإلهيَّ حقّ، ﴿فَاصْبرِْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُون﴾ (الروم: 60)، أي لا يهزّكم من لا يوقنون بالوعدِ الإلهيّ، ولا يُضعفونكم بسلبيّاتهم. وإن شاء الله، النصرُ النهائيّ ـ وليس بعد فواتِ الأوان ـ سيكون لشعبِ فلسطينَ وفلسطين.[25]
حيث قال الإمامُ الخامنئيّ في جوابِه على رسالةِ زعيمِ حركةِ حماس إسماعيل هنيّة: «إنّ جهادَكم هو مقاومةٌ للظلمِ والكفرِ والاستكبار، وهو جهادٌ من عندِ الله تعالى، ومصداقُ الآية: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7). ستُنصرون بحولِ الله وقوّتِه، وستُطهِّرون الأرضَ المقدّسةَ من دنسِ الغاصبين إن شاء الله».[26]
خاتمة:
تُعتبَرُ قضيّةُ زوالِ الكيانِ الإسرائيليّ الغاصب من الوجود من السُّننِ الإلهيّةِ التي ذكرها القرآنُ الكريم، وسُننُ الله لا تتحوّل ولا تتبدّل. وقد تمظهرت هذه السُّننُ في عدّةِ مناسباتٍ وآيات، منها سُنّةُ زوالِ واستئصالِ الظالمين بسببِ إخراجِ الرسل من ديارهم في قوله تعالى ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا *سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تجَِدُ لِسُنَّتِنَا تحَْوِيلا﴾ (الإسراء: 76-77)، ومنها سُنّةُ هلاكِ الباطلِ على أيدي أهلِ الحقّ، إذ يقول تعالى ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كاَنَ زَهُوقًا﴾ (الإسراء: 81)، ومنها آياتُ الوعدِ بزوالِ ملكِ بني إسرائيل طبقًا لقوله تعالى ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الاَْخِرَةِ لِيَسُُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبرُِّواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا﴾ (الإسراء: 7).
وهذا ما يؤكّد عليه دائمًا سماحةُ الإمامِ الخامنئيّ حول حتميّةِ زوالِ هذا الكيانِ وهزيمتِه، انطلاقًا من العملِ المقاوم ضمنَ سُننٍ إلهيّةٍ أيضًا يطرحُها، منها أنّ الكيانَ هو مصداقُ الشجرةِ الخبيثة ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍۢ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍۢ﴾ (إبراهيم: 26)، ومنها سُنّةُ النصرِ الثابتةِ للمتوكّلين الصابرين ﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوَلَّوُاْ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يجَِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتىِ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تجَِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا﴾ (الفتح: 22-23)، ومنها الثقةُ بالوعدِ الإلهيّ ﴿فَاصْبرِْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُون﴾ (الروم: 60)، وليس آخرها سُنّةُ النصرِ الإلهيّ للمجاهدين ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7).
ولا يخفى أنّ الارتباطَ بهذه السُّننِ الإلهيّةِ، والإيمانَ بدلالاتها الحتميّةِ التي لا تتغيّر ولا تتبدّل، إنّما يبعثُ الأملَ في نفوسِ المستضعفين اليوم، فمهما بلغتِ التضحيات، ومهما بلغ علوُّ بني إسرائيل وطغيانُهم، فليس ذلك سوى مسارٍ قد رسمه الله تعالى لهم ليزدادوا إثمًا، وليختبرَ بهم عبادَه المخلصين، وليميّزَ الثابتَ من المتزلزل. وكلّما ضاقتِ الأمور واشتدَّ الحصار وازداد العلوّ، علمنا أنّ الفرجَ أصبح أقرب، وليس أمامنا سوى الالتزامِ بتكليفِنا عبرَ المقاومةِ والثباتِ حتّى الرمقِ الأخير، بانتظارِ الفَرَجِ الكبير بإذنِ الله تعالى.
قائمة المصادر والمراجع:
[1] صيغ السنن التاريخية، فكر الشهيد الصدر، https://almaaref.org.lb /
[2] السنن التاريخيّة في القرآن الكريم عند السيّد الشهيد الصدر (2، علي جواد فضل الله، https://baqiatollah.net/
[3] راجع الميزان في تفسير القرآن، ج13، ص: 174 و الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج9، ص: 81
[4] الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج7، ص: 478
[5] الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص: 36
[8] إســـــرائيل.. في آيات سورة بني إسرائيل..جعفر مرتضى العاملي ص 199
[9] المصدر نفسه، ص 215
[10] المصدر نفسه، ص 109
[11] المصدر نفسه، ص 224-225
[12] المصدر نفسه، ص 244-245
[13] بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج57، ص: 216
[14] تفسير نور الثقلين، ج3، ص: 138
[15] إســـــرائيل.. في آيات سورة بني إسرائيل..جعفر مرتضى العاملي ص 261
[16] مجمع البيان في تفسير القرآن ج6 615
[17] انظر إســـــرائيل.. في آيات سورة بني إسرائيل ص 312
[18] مجمع البيان في تفسير القرآن ج6 616
[19] هناك نقاش بين المفسّرين حول دلالة هذه الآيات على دخول المسجد مرتين، تركنا تفصيله إلى محلّه، فليراجع.
[20] مجمع البيان في تفسير القرآن ج6 616
[21] الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل ج8 399 - 400
[22] الامام الخامنئي، تصريحات في اللقاء بين مسؤولي النظام وضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية، 24/08/2019
[23]الامام الخامنئي، خطبة جمعة النصر، 2024/10/04
[24] الامام الخامنئي، تصريحات خلال اللقاء بين مسؤولي النظام وضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية، 2018/09/04
[25] الامام الخامنئي، تصريحات في القاء مع الطلاب 10/08/1402ه.ش.
[26] رد قائد الثورة على رسالتي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الاثنين ١٢ شوال ١٤٤٢ هـ.